يستثمر ما توفر لديه من رجال مخلصين، بايعوه على الموت. ومن تلك الأمثلة التي واجه فيها علي (ع) عثمان، ما ذكره المسعودي في مروج الذهب، عندما اجتذب الإمام علي (ع) الوليد وضرب به الأرض وعلاه بالسوط ليقيم عليه الحد عند شرب الخمر، ورفض عثمان لذلك وخوف الناس منه، فقال عثمان:
ليس لك أن تفعل به هذا.. قال: بل وشرا من هذا إذا فسق ومنع حق الله تعالى أن يؤخذ منه.
وذكر - أيضا - إنه عندما أزمع عثمان على تسيير أبي ذر الغفاري (رض) إلى الربذة، ومنع الناس أن يسيروا معه، فلما طلع عن المدينة ومروان يسير عنها طلع عليه علي بن أبي طالب ومعه ابناه وعقيل أخوه وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر، فاعترض مروان فقال: يا علي إن أمير المؤمنين قد نهى الناس أن يصحبوا أبا ذر في مسيره ويشيعوه. فإن كنت لم تدر بذلك فقد أعلمتك، فحمل عليه علي بن أبي طالب بالسوط وضرب بين أذني راحلته، وقال: تنح نحاك الله إلى النار.
ومضى مع أبي ذر فشيعه ثم ودعه وانصرف، فلما أراد علي الانصراف بكى أبو ذر، وقال: رحمكم الله أهل البيت، إذا رأيتك يا أبا الحسن وولدك ذكرت بكم رسول الله (ص) فشكا مروان إلى عثمان ما فعل علي بن أبي طالب، فقال عثمان: يا معشر المسلمين من يعذرني من علي؟ رد رسولي عما وجهته له، وفعل كذا، والله لنعطينه حقه فلما رجع علي استقبله الناس، فقالوا له: إن أمير المؤمنين عليك غضبان لتشييعك أبا ذر، فقال، غضب الخيل على اللجم.
هذه الواقعة تثبت أهمية الصراع الدائر بين علي وشيعته وعثمان وبطانته ووصلت تلك الحدة درجة من الخطورة أصبحت فيها الأمور أوضح من الشمس في رائعة النهار.
ذكر المسعودي ما جرى بين علي وعثمان في ذلك الشأن وأظهر ما جرى بينهما من مشادات كلامية تعبر عن حدة ذاك الصراع، يقول: (93) قال عثمان: ما حملك على ما صنعت بمروان ولم اجترأت علي ورددت رسولي