الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٠٤
يستثمر ما توفر لديه من رجال مخلصين، بايعوه على الموت. ومن تلك الأمثلة التي واجه فيها علي (ع) عثمان، ما ذكره المسعودي في مروج الذهب، عندما اجتذب الإمام علي (ع) الوليد وضرب به الأرض وعلاه بالسوط ليقيم عليه الحد عند شرب الخمر، ورفض عثمان لذلك وخوف الناس منه، فقال عثمان:
ليس لك أن تفعل به هذا.. قال: بل وشرا من هذا إذا فسق ومنع حق الله تعالى أن يؤخذ منه.
وذكر - أيضا - إنه عندما أزمع عثمان على تسيير أبي ذر الغفاري (رض) إلى الربذة، ومنع الناس أن يسيروا معه، فلما طلع عن المدينة ومروان يسير عنها طلع عليه علي بن أبي طالب ومعه ابناه وعقيل أخوه وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر، فاعترض مروان فقال: يا علي إن أمير المؤمنين قد نهى الناس أن يصحبوا أبا ذر في مسيره ويشيعوه. فإن كنت لم تدر بذلك فقد أعلمتك، فحمل عليه علي بن أبي طالب بالسوط وضرب بين أذني راحلته، وقال: تنح نحاك الله إلى النار.
ومضى مع أبي ذر فشيعه ثم ودعه وانصرف، فلما أراد علي الانصراف بكى أبو ذر، وقال: رحمكم الله أهل البيت، إذا رأيتك يا أبا الحسن وولدك ذكرت بكم رسول الله (ص) فشكا مروان إلى عثمان ما فعل علي بن أبي طالب، فقال عثمان: يا معشر المسلمين من يعذرني من علي؟ رد رسولي عما وجهته له، وفعل كذا، والله لنعطينه حقه فلما رجع علي استقبله الناس، فقالوا له: إن أمير المؤمنين عليك غضبان لتشييعك أبا ذر، فقال، غضب الخيل على اللجم.
هذه الواقعة تثبت أهمية الصراع الدائر بين علي وشيعته وعثمان وبطانته ووصلت تلك الحدة درجة من الخطورة أصبحت فيها الأمور أوضح من الشمس في رائعة النهار.
ذكر المسعودي ما جرى بين علي وعثمان في ذلك الشأن وأظهر ما جرى بينهما من مشادات كلامية تعبر عن حدة ذاك الصراع، يقول: (93) قال عثمان: ما حملك على ما صنعت بمروان ولم اجترأت علي ورددت رسولي

(93) مروج الذهب ج 2، ص 351.
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235