الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٠٠
قال عمر: ومن هو؟ قال: علي بن أبي طالب قال: فالقه وكلمه وذاكره ذلك، فهل تراه مسرعا إليه أو لا، فخرج عثمان فلقي عليا فذاكره ذلك فأبى علي ذلك وكرهه (85) ".
تحمل هذه الرواية عدة دلالات على مدى اعتزال الإمام علي (ع) عن الخلفاء، فهو يأبى ويكره أن يسير في جيوشهم، فلو كانوا على جانب من الشرعية لكان علي (ع) أولى بكسب ذلك الثواب في الجهاد وفتح البلدان، وأنه أشار على عمر بن الخطاب بالمسير خلافا لباقي الرجال، رغم إن في بعث عمر خطر على حياته.
إن هذه الواقعة تثبت مدى حرص الإمام علي (ع) على عدم الاحتفال بمشاريع ذلك التيار وعدم تزكية أي خطوة من خطواتهم، وذلك عن طريق الامتناع عن تلبية طلباتهم وعدم نصرتهم. والإشارة عليه - إذا استشير - بما يهدد أركان الاغتصاب ويسهل عودة الخلافة إلى وضعها الشرعي. وهذا الخذلان من جانب الإمام علي (ع) هو الذي دعى بنو أمية للتحامل عليه في أمر عثمان. وكان عمر بن الخطاب متوقعا لأي محاولة من محاولات القتل من قبل علي (ع) وذلك ما رأيناه في مقتل عمر بن الخطاب، عندما التبس عليه الأمر، فطلب بي هاشم، ليحقق معهم في الأمر. ذكر بن قتيبة وغيره:
لما طعن عمر قال لابن عباس، أخرج فناد في الناس أعن ملأ ورضى منهم كان هذا؟ فخرج فنادى فقالوا: معاذ الله ما علمنا ولا اطلعنا فقال: يا علي أعن ملأ منكم ورضى كان هذا؟ فقال علي (ع) ما كان عن ملأ منا ولا رضى (86) ".
كان لعلي (ع) أصحاب موالون، وهو من أهل السابقة. وكلهم كان رافضا لبيعة أبي بكر في السقيفة. وقد جاء ذكرهم آنفا، وعلى رأسهم: سلمان الفارسي، أبو ذر الغفاري، عمار بن ياسر، ابن عباس، مالك الأشتر.
هؤلاء كانوا قد تفرقوا في البلدان وأصبحوا يدعون سرا لولاية الإمام علي (87)

(85) مروج الذهب ج 2 ص 318.
(86) الإمامة والسياسة ص 22.
(87) أقول، إن الدعوة إلى قتل عثمان كانت ترافقها بالتوازي الدعوة إلى ولاية علي (ع) وسوف نرى ذلك في حديثنا عن المقتل في تاريخ ابن خلدون!.
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235