الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٩٨
إن الذين التفوا حوله لم يكونوا على نفس الدرجة من الإخلاص. لقد كانوا على جانب من الذعر الذي أخافهم وثبة العرب عليهم. وكان علي (ع) يومها مستعدا لقلب الأوضاع بعد أن رأى الأمر في يد تيار الاغتصاب.
ويذكر اليعقوبي إنه اجتمع جماعة إلى علي بن أبي طالب يدعونه إلى البيعة، فقال لهم: " اغدوا علي محلقين الرؤوس فلم يغد إلا ثلاثة نفر (84) ".
وقال علي (ع) في بداية الأمر: " لو وجدت أربعين ذووا عزم لناهضتهم ".
ولما لم يجد من هم كذلك، فضل الصبر " فرأيت الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى ".
علي (ع) إمام شرعي، وأمامه عصابة من المغتصبين لشرع الله. والمفروض إذ ذاك هو النهوض بالوضع بشكل يطيح بهؤلاء مع مراعاة مصلحة الإسلام. والتقية كما يقول بعد ذلك الإمام الصادق (ع):
التقية ديني ودين آبائي. فعلي (ع) أولى بالتقية وهو يعاصر مرحلة خطيرة عليه وعلى الإسلام.
وبالمقابل فإن تيار الاغتصاب راح يعضد بعضه بعضا. ويؤسس له حلفا متماسكا. يتداولونها قهرا وغلبة. فأبو بكر عهد إلى عمر من دون مشورة وهذا الأخير عهد إلى عثمان من خلال فبركة ملتوية. وكلهم وقفوا من علي (ع) موقفا صارما.
ولا بد من أن نشير إلى أن موقفهم من الإمام لم يكن في شأن جدارته، بل كان ذلك فيما يتعلق بالجانب السياسي.
بالإضافة إلى أن كثيرا من الوقائع تشهد على ما كان من صراع حقيقي بين الثلاثة والإمام علي (ع) فالكل يحرص على إزاحة علي (ع) وهذا الأخير يعمل أيضا ما في وسعه لإقصائهم، لترتاح منهم الأمة. ويعود الأمر كما بدأ لأهله الذين يستحقونه.

(84) شرح النهج.
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235