الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٢١٩
فهل بعد هذا يصح أن يشتهر الخليفة الأول بالصدق وينفرد به، وهو لم يصدق رسول الله (ص) في شأن رجل صار فيما بعد رأس الفتنة يوم النهروان كما جاء في صحيح مسلم وغيره.
التقوى والورع.
يظهر من خلال كلام المؤرخين وأهل السير المحرفة، أن أبا بكر كان أتقى صحابة الرسول (ص) وأورعهم. وأعبدهم لله وأخشاهم له، وبالغوا في ذلك أيما مبالغة واختلقوا من الروايات المتداعية والأسانيد، ما يقطع أوصال الفؤاد.
وطبيعي، أن أهم صفة للورع والتقوى هي تقديس ما قدسه الله، وتحريم ما حرمه والاحتياط الكبير وكثرة التهجد والعبادة.
فأما من جهة العبادة، فإن أبا بكر لم يرد عنه أنه كان آية في ذلك.
وعندما راح عمر بن الخطاب ليسأل عن سلوك أبي بكر في بيته، إمعانا منه في التأسي برفيقه الذي أتحفه بأعلى منصب، ليسوس فيه الناس بدرته.
فقالت له إحدى بناته: " ما رأينا له كثير صلاة بالليل ولا قيام (6) ".
ولهذا حاولوا أن يجدوا له بديلا عن القيام والصلاة، وهو ما ذهب إليه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول عن بكر بن عبد الله المزني، أنه قال: لم يفضل أبو بكر (رض) الناس بكثرة صوم ولا صلاة إنما فضلهم بشئ كان في قلبه.
وإذا أردنا الإطناب في البحث عن هذا الشئ الذي يوجد في قلب أبي بكر ولم يوجد في القلوب الأخرى التي يفضلها لوجدنا ما يضحك الثكلى ذلك ما يرويه لنا المحب الطبري في الرياض النضرة (7) من أن عمر بن الخطاب أتى إلى زوجة أبي بكر بعد موته فسألها عن أعمال أبي بكر في بيته فقالت: إلا أنه كان في كل ليلة جمعة يتوضأ ويصلي ثم يجلس مستقبل القبلة رأسه على ركبته فإذا كان وقت السحر رفع رأسه وتنفس الصعداء فيشم في البيت روائح كبد مشوي فبكى عمر وقال: أتى

(6) عمدة التحقيق للعبيدي المالكي.
(7) الرياض النضرة ص 133.
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235