ألا يا صاح للعجب * دعوتك ثم لم تجب ولو كانت كلمة " لا " فقط توجب القتل لكانت واجبة على هذا الوضع الذي تكثر فيه الجرأة على الإسلام؟.
فهل هذا يدع مجالا للشك في أمر يزيد، أو التصديق بما انتحله ابن خلدون من أن أباه لم يكن على علم بذلك.
لقد بذل الوسع في تبرير تلك الأحداث، ولو باستضعاف الحقيقة الواضحة، وعمدته في كل لك القياس مع الفارق، والتصويب المبتذل، وتسويغ التناقض.
ثم تعال لكي نرشف من ذلك الكشكول الذي يبعث على الضحك والبكاء على النشوة والعرف على التسلي والاشمئزاز، لترى كيف يتسربل الكفر ببرد الإيمان وكيف برغم انفك الظالمون الذين عاشوا قبلنا كيف تحاسب على ظلمك ولا يحاسب من سبقوك لقد نسي ابن خلدون أن يسمي ذلك صراع طبقي بين طبقات التاريخ.
يقول: (128) " هذا هو الذي ينبغي أن تحمل عليه أفعال السلف من الصحابة والتابعين، فهم خيار الأمة، وإذا جعلناهم عرضة للقدح فمن الذي يختص بالعدالة، والنبي (ص) يقول: " خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم مرتين أو ثلاث ثم يفشوا الكذب "، فجعل الخيرة، وهي العدالة مختصة بالقرن الأول والذي يليه.
فإياك أن تعود نفسك أو لسانك التعرض لأحد منهم، ولا تشوش قلبك بالريب في شئ مما وقع منهم، والتمس لهم مذاهب الحق وطرقه ما استطعت فهم أولى الناس بذلك، وما اختلفوا إلا عن بينة، وما قاتلوا أو قتلوا إلا في سبيل جهاد أو إظهار حق، وأعتقد مع ذلك أن اختلافهم رحمة لمن بعدهم من الأمة، ليقتدي كل واحد بمن يختاره منهم، ويجعله إمامه وهاديه ودليله، فإنهم ذلك، وتبين حكمة الله في خلقه وأكوانه، وأعلم أنه على كل شئ قدير وإليه الملجأ والمصير، والله تعالى أعلم ".