أيضا في تيسير البحوث.
فإذا كان التاريخ كذلك، ساحة يتحرك فيها وعينا بكل ما له علاقة بالفكر الإسلامي، وإنه ساحة ضرورية لفهم نشوء وتطور وتكامل الظاهرة الفكرية والسياسية والمذهبية كان من الواجب علينا تبني قواعد الممارسة التاريخية والمنهج التاريخي الذي يعطي للسياق دورا أساسيا في الحدود التي تتجلى فيها سلطة السياق التاريخي على الوقائع والأحداث وعلى عملية تفكير هذه الوقائع والأحداث.
وما دام إن المنهج الذي تبنيناه يدعونا إلى إعادة المباني المذهبية إلى طبيعتها البسيطة من جهة تعقدها بفعل الصيرورة التاريخية، وإلى وحدتها من جهة تداخلها بالعناصر الأخرى المتعددة، التي تؤسس المبنى المذهبي. كان لا بد من الرجوع إلى النص النبوي الذي يقع في خط النص القرآني من الناحية البيانية.
وذلك في ضوء السياق التاريخي الذي وقعت فيه محنة النص النبوي وانطلقت سلطة الرأي، لتحل محله. ولأن السقيفة لم تكن سوى المنعطف الأول، أو بؤرة لانعكاس المخبوء والمستتر من واقع المجتمع الإسلامي، بدأنا حديثنا عن ملابساتها محاولين التعرض لمجريات أمرها. لتعيدنا مرة ثانية إلى السقيفة. إذ أن هذه الأخيرة هي بمثابة محطة ضرورية لفهم السيرة النبوية فهما حقيقيا. وكذلك محطة ضرورية في إيضاح تاريخ الخلافة والخلفاء. وحيث أن أول واقع فعلي للخلافة تتجسد فيما أسموه بالخلفاء الراشدين، كان اهتمامي أيضا منصبا على هذا الموضوع للوقوف عند حقيقته، والنهوض بدليل تاريخي، لإعادة المصداقية والاعتبار إلى النص ذي المعنى المغيب، من أجل إعادة تأسيس الفهم والوعي بتاريخنا الإسلامي. ولأن هذه التركيبة " الراشدة " لها علاقة بالصحبة وقضية الصحابة. كان لا بد من التطرق إلى هذا الموضوع الشائك لتوضيح جوانبه.
وبعد ذلك هناك بعض القضايا التي أطلقت عليها اسم " الأصنام " والتي أرى من الضروري هدمها، لأنها تحجب الحقيقة على الإنسان. وهي عبارة عن مسائل كثيرة مثار جدل ونقاش بين المذهبين. وحيث أن الأمور في جريانها لم تكن سوى امتداد لمنعطف السقيفة كنت أود لو أشير إلى أن السقيفة لم تشكل أول منعطف إلا فيما يتعلق بالمرحلة التي توفي فيها الرسول (ص) بينما هناك منعطفات أخرى جرت