(ظل النفور والتصادم - أو على الأقل عدم التعاون - السمة الغالبة على ما بين القيادتين من علاقة، فالقيادة السياسية قليلا ما كانت تساعد القيادة الدينية (ظل النفور والتصادم - أو على الأقل عدم التعاون - السمة الغالبة على ما بين القيادتين من علاقة، فالقيادة السياسية قليلا ما كانت تساعد القيادة الدينية في القيام بواجبها، كما أن القيادة السياسية لم تقبل إلا أقل القليل من العون الذي كانت القيادة الدينية تقدمه لها، لأن الثمن الذي كان عليها أن تدفعه للقيادة السياسية نظير مساعدتها لها، ما كان إيمانها ولا ضميرها يرضى بدفعه. وكذلك كان الناس أنفسهم قليلا ما يثقون فيمن اقترب - من أفراد القيادة الدينية - من السلاطين أو نال منهم منصبا أو منحة أو عطاء، فأضحى معيار أهلية القيادة الدينية وصلاحيتها - في نظرهم - انقطاعها واستغناؤها عن الحكام، وصمودها أمام غضبهم وقهرهم وبأسهم، فإن شذ أحد أفرادها عن هذا المعيار نظر الناس إليه نظرات ثاقبة شديدة، وامتنعوا عن الاعتراف بعظمته، اللهم إلا إذا رفض المساومة والمهادنة على أمر الدين رغم قربه من الحاكم.
(١٦٧)