ونشأت فرق أخرى أما كرد فعل لبقية الفرق، وأما بوحي من السلطة وإشارة، فإذا بالنسيج السوي يتمزق قطعة قطعة، وإذا بالفكر مشتت، والعقيدة مختلف في تفاصيل أمورها ومسائلها، وإذا بعامة الناس منفصلة عن صراعات الفكر ودوامات الفرق، وازدادت الشقة بين الفرق وبعضها، فغلا كل منها وتطرف...
ولما رأى العامة ذلك انكب كل فرد على مصالحه وشأنه، فأعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله مؤثرا السلامة، تاركا مساندة الحق وهو يعرفه.
وأتصور - إن كان من حقي أن أتصور - أن السبب في الانحراف الذي اتسع ثم الانقسام الذي وقع هو أن الدولة الإسلامية - وهي دولة فكرية - تحتاج إلى مرجع يضم في صدره علما يقينيا محددا، ويعرف تفاصيل الشرع، وتتوافر فيه خصائص العلماء والساسة والزهاد العباد، فيكون أقرب إلى الشخصية الكاملة، شخصية المؤسس.
هذا المرجع تكون له هيمنة المشرف على شؤون الدولة كي لا يتلاعب بشرعها متلاعب، أو يتأول قانونها متأول، أو يتحلل