الناصرة. وهي اليوم قرية صغيرة جدا. وفيها آثار تدل على أنها كانت ذات شأن.
نبي، أنبياء، نبوة: النبي هو من يتكلم أو يكتب عما يجول في خاطره، دون أن يكون ذلك الشئ من بنات أفكاره، بل هو من قوة خارجة عنه - قوة الله عند المسيحيين والعبرانيين والمسلمين، وقوة الآلهة المتعددة عند عباد الأصنام الوثنيين. وقد عرف النبوات المزيفة، أي أنبياء الآلهة الوثنية، معظم أتباع تلك الآلهة من عباد الأصنام، مثل الأشوريين والكلدانيين والمصريين والفينيقيين واليونان والرومان، وكان الكهنة كثيرا ما يقومون بالنبوة بطرق مختلفة. وكان الناس يؤمنون بكلامهم ويستشيرونهم في كل أمور حياتهم. وعليهم كانت تتوقف الفتوحات العسكرية والقرارات السياسية. وكانوا كالعرافين والمنجمين ومدعي الغيب اليوم.
وعنت النبوة عند اليهود الإخبار عن الله وخفايا مقاصده، وعن الأمور المستقبلة ومصير الشعوب والمدن، والأقدار، بوحي خاص منزل من الله على فم أنبيائه المصطفين. وعرف العهد القديم عددا كبيرا من الأنبياء.
وكان محور نبواتهم عن مجئ المسيح، وعن التمهيد لمجيئه، وعن الشريعة الموسوية ومصير اليهود والشعوب المتعاملة معهم والمجاورة لهم. وتكاثر عدد الأنبياء حوالي القرن الحادي عشر قبل الميلاد، وخاصة في الرامة (1 مم 19: 19 - 24). وكان همهم تقوية الإيمان بالله وتشجيع اليهود على الصمود في وجه الفلسطينيين وأصنامهم. وأطلق على طلاب تلك المدارس اسم أبناء الأنبياء. وكان صموئيل من أبرزهم، حتى قرن اسمه بموسى وهارون (مز 99: 6 وار 15: 1 واع 3: 22 - 24). وتأسست لبني الأنبياء مدارس أخرى، في بيت إيل وأريحا والجلجال وغيرها (2 مل 2: 3 و 5 و 4: 38 و 6: 1). وكان رئيس المدرسة يدعى أبا أو سيدا (1 صم 10: 12 و 2 مل 2: 3) وكانت مناهج المدارس تشتمل تفسير التوراة وتعليم الموسيقى والشعر. ولذلك نمت في تلك المدراس موجة الشعر والغناء واللعب على آلات الطرب عند التلاميذ (خر 15: 20 وقض 4: 4 و 5: 1 و 1 صم 10: 5 و 2 مل 3: 15 و 1 أخبار 25: 6). وكانت معيشتهم في منتهى البساطة وكانوا يتعودون على التقشف والاكتفاء بالقليل والتنسك وقبول الإحسان البسيط (1 مل 17:
5 - 8 و 2 مل 4: 8 - 10 و 38 ومت 3: 4).
وكان الله يختار من بين هؤلاء التلاميذ عددا ويقبلهم أنبياء له ليعلموا الشعب بما يريده منهم ويختصهم بوحيه.
إلا أنه كان بين الأنبياء من لم يدخل تلك المدارس، أمثال عاموس (عا 7: 14). وكان أنبياء الله يواجهون أنبياء مزيفين للأصنام والهياكل الوثنية - نذكر منهم الثمانمئة وخمسين نبيا للإله بعل الفينيقي والإلهة اشيرة أيام الملكة إيزابيل الفينيقية الأصل (1 مل 18: 19). كما كانوا يواجهون الأنبياء الكذبة عند اليهود أنفسهم، من أصحاب الأرواح الشريرة في نفوسهم.
كان الأنبياء من عماد الحياة في المجتمع العبراني.
وكانوا، مع الحكماء والكهنة، مستشاري رجال الدولة ومقرري مصائرها زمن السلم وفي الحروب (ار 18: 18) فقد أرسلهم الله ليعلنوا مشيئته وليصلحوا الأوضاع الاجتماعية والدينية (2 مل 17: 13 وار 25:
4) وليخبروا الشعب عن المسيح الآتي لتخليص العالم.