وقد ذهب يوسف ومريم معا من الجليل، من مدينة الناصرة إلى بيت لحم (لوقا 2: 4 وما يليه). وفي بيت لحم وفي المغارة التي كانت مستعملة كإسطبل وملحقة بالنزل هناك. وفي المكان الذي تقوم كنيسة الميلاد أو المهد عليه أو بالقرب منه، وضعت مريم ابنها البكر. وقد تذكرت مريم كل الحوادث المتصلة بهذا الميلاد وكانت تفتكر بها في قلبها (لوقا 2: 19). ويظهر أن البشير متى يخبرنا بقصة الميلاد من وجهة نظر يوسف ويبرز لنا مريم العذراء كما رآها يوسف خطيبها.
وقد توالت سلسلة من الحوادث بعد الميلاد ظهرت فيها مريم العذراء بصورة واضحة جلية منها.
1 - تقديم المسيح في الهيكل والقيام بفروض التطهير حسب الشريعة الموسوية (لو 2: 22 - 39).
2 - زيارة المجوس (مت 2: 11).
3 - الهرب إلى مصر ثم العودة منها إلى فلسطين (مت 2: 14 و 20 وما يليه).
ولا بد أن العذراء مريم سارت على النهج الذي كانت تسير عليه نساء الناصرة في ذلك الحين من القيام بشؤون بيتها والعناية بأهل بيتها وتوفير الراحة لهم.
إلا أن هذه الحياة الرتيبة تخللتها زيارة لأورشليم لحضور عيد الفصح من سنة إلى سنة (لو 2: 41). ولما كان يسوع في الثانية عشرة من عمره زار يوسف ومريم والصبي يسوع أورشليم في عيد الفصح على حسب عادتهم، ونحن نعلم ما تم في تلك الزيارة من ذهاب يسوع إلى أورشليم ومن بقائه هناك من بعد عودة مريم أمه ويوسف ومن تحدثه إلى الشيوخ في الهيكل ومن رجوع مريم ويوسف إلى أورشليم ليبحثا عنه إلى أن وجداه في الهيكل. وتظهر كلمات العذراء التي وجهتها إلى المسيح مقدار جزع الأم المحبة على وليدها كما تظهر أيضا مقدار رباطة جأشها وتهذب نفسها (لو 2: 48 و 51).
وقد ذكر الكتاب المقدس أربعة إخوة للرب يسوع (مت 13: 55). كما ذكر إشارة أهل الناصرة إلى أخواته الموجودات عندهم في بلدهم (مر 6:
3). وقد اختلفت الآراء بصدد هؤلاء فمن قائل إنهم أولاد مريم من يوسف بعد أن ولدت ابنها البكر يسوع وهي عذراء ومن قائل إنهم إخوته أي أولاد يوسف من زوجة أخرى قبل أن خطب العذراء مريم، ومن قائل إنهم أبناء عمومته أو أبناء خؤولته (أنظر " إخوة الرب ").
ونرى العذراء مريم في عرس قانا الجليل ومما تم هناك يظهر أن ابنها الرب يسوع المسيح هو صاحب السلطان الأول والأخير في عمل المعجزات (يوحنا 2: 1 (5). ولما انتقلت الأسرة إلى كفرناحوم (يوحنا 2: 12 ومت 4: 13) نجد أن أقرباءه أرادوا أن يحولوا دون استمراره في تأدية رسالته قائلين، إنه مختل (مر 3: 21). ولما كان يعلم جاء أمه وإخوته ووقفوا خارجا وأرسلوا إليه يدعونه (مر 3: 31 - 35).
ولما كان يعلم في أورشليم رفعت امرأة صوتها وقالت " طوبى للبطن الذي حملك وللثديين اللذين رضعتهما ".
أما هو فقال: " بل طوبى للذين يسمعون كلمة الله ويحفظونها " (لو 11: 27 - 28).
فهذه الإشارات المقتضبة إلى العذراء مريم في الكتب المقدسة تصورها لنا في كونها المباركة من النساء والمنعم عليها بنعمة عظمى (لو 1: 28).
وكذلك يقدمها لنا الكتاب المقدس كمثل أعلى