استشاط عيسو غضبا بسبب هذه الحادثة فخافت رفقة أن يقتل يعقوب، أو أن يهرب يعقوب فيتزوج بإحدى بنات حث، فأخبرت يعقوبا عما يساورها، فدعا يعقوب إسحق وباركه ثانية وأرسله إلى فدان أرام إلى لابان، أخي رفقة. ومع أنه اختلس البكورية، فقد أصبح وارث المواعيد. ولكن الله لا يترك الخطيئة دون عقاب، فنال يعقوب عقابه بسبب خداعه إذ لقنه الله درسا قاسيا وقاده في طريق وعرة محفوفة بالعناء والألم.
ولما كان يعقوب، على الرغم من أخطائه ذا تقوى فقد افتقده الله عند بيت إيل، وأراه رؤية مجيدة، ووعده أن يعطيه الأرض، التي كان متغربا فيها.
وعندما استيقظ من نومه نذر ذاته للرب (تك ص 28).
وعندما وصل إلى أرض لابان وجد راحيل على البئر فأحبها، وخدم لابان بها سبع سنين، حتى إذا ما حان وقت الزواج احتال عليه لابان وزوجه بليئة. ثم خدم سبع سنين أخرى براحيل وأخذها. وخدم ست سنين أخرى بالأجرة. وبواسطة الحيلة التي دبرها فاق غناه غنى لابان. وفي أثناء خدمته للابان ولد له من امرأتيه وسريتيه أحد عشر ابنا وابنة (تك ص 31).
وبعد ما فارقه لابان ارتحل نحو فلسطين. وعندما قارب مساكن عيسو أرسل يستخبر عن أخيه، فأخبر أنه آت لملاقاته، فتملكه الخوف، وقسم قومه إلى فرقتين وأرسل بهدية فاخرة إلى عيسو. وبعد ما أجاز عائلته كلها بقي هو عند نهر يبوق (وادي زرقا)، فصارعه إنسان حتى طلوع الفجر وانخلع فخذه. وقبل أن يطلقه باركه وقال له: " لا يدعى اسمك فيما بعد يعقوب بل إسرائيل، لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت ".
ودعا يعقوب اسم المكان فنيئيل أي وجه الله، لأنه قال: " إني نظرت الله وجها لوجه ونجيت نفسي ".
(تك 32: 22 - 32 قابل الأسماء في تك 33: 20 وهو 12: 4). وكانت هذه الحادثة نقطة تحول في حياة يعقوب. فقد كان حتى الآن معتمدا على قوته ودهائه ونجاحه. فتعلم الآن أن قوته كلا شئ في مصارعة الله، وأن عليه أن يستعين بالصلاة ليفوز بالبركة التي لا مندوحة له عنها.
وقبلما عبر الأردن التقى بأخيه فطلب عفوه بسبب ما ألحقه به فجعله يهيم على وجهه ردحا من الزمن. ثم افترقا الأخوان، فانطلق عيسو إلى أراضيه في جبل سعير (أدوم)، واتجه يعقوب إلى أرض كنعان (تك 33:
1 - 18). واشتري أرضا عند شكيم نصب فيها خيمته، وأقام هناك مذبحا (ص 33: 18 - 20).
فأذل شكيم ابن حمور رئيس الأرض، دينة ابنة يعقوب من ليئة، فغضب عليه بنو يعقوب، ومع أنه أراد أن يتزوج بها ويصالح أهل يعقوب، احتال بنو يعقوب وأخذوا المدينة وكل ما فيها وقتلوا حمور وشكيم.
فنقم عليهم لذلك أهل تلك المقاطعة، فالتزم يعقوب أن يرحل إلى الجنوب (تك ص 34). وأتى إلى لوزاي بيت إيل. فماتت دبورة ودفنت هناك (ص 35: 6 - - 8). وهناك ظهر له الله ثانية كما ظهر له وهو في طريقه إلى فدان أرام (ص 35: 9 - 15 و 28: 10 - 22). مؤكدا له تغيير اسمه إلى إسرائيل، والعهد الذي أقامه مع إبراهيم. وعندما أتى أفراتة (بيت لحم) وهو في طريقه إلى حبرون ولد ابنه الثاني عشر والأخير