أقام معسكرا مركزيا في الجلجال في السهل شرقي أريحا (يش 4: 19 و 5: 10). وبقي المركز في الجلجال، لأن يشوع لم يكن يخشى عدوا في تلك البقعة يهاجمه من الوراء، ولأن الماء كان متوفرا فيها، ولأنها كانت مكانا أمينا لإخفاء الذخيرة والغنائم.
واتصفت المحلة بوجود خيمة الاجتماع فيه (يش 6:
24 قابل 9: 23 و 18: 1 و 22: 19). فترك فيها فرقة منظمة بكامل معداتها. وبعد ما احتل أريحا، المركز الإمامي للكنعانيين، زحف غربا عبر الجبال واحتل عاي التي كانت قائمة على رابية مقابل الجلجال وبعد ذلك أتم وصية موسى فأقام مذبحا في عيبال (يش 8: 30 - 35 وتث ص 27). وفي غضون ذلك أتاه وفد من جبعون يطلبون منه عقد صلح مع بلدتهم، ففعل ذلك دون أن يطلب إرشادا من الله. وهذه الخطوة الخاطئة جرت عليه كثيرا من المتاعب والمشقات فيما بعد. وبعد أن رسخت قدماه في البلاد التي احتلها قام بغزوتين لاحتلال أرض كنعان كلها. حلف الملوك الخمسة: ملك أورشليم، وحبرون، ولخيش، وعجلون، ويرموث ضد أهل جبعون، لأنهم عقدوا صلحا مع يشوع، قرر مصير معركة الجنوب، لأنه حمل يشوع على نجدة الذين عقد معهم صلحا، والاجهاز على الملوك الخمسة المتحالفين. ثم زحف نحو الغرب واحتل مقيدة على الساحل وأقام فيها محلة مؤقتة. ثم احتل لبنة، ولخيش، وعجلون، وحبرون. ثم عاد من حبرون وضرب دبير في الجبان. وبعد ما احتل القطاع بين جبعون وغزة وقادش برنيع رجع إلى الجلجال.
وفي أثناء هذه الحملة أمر يشوع الشمس بالوقوف (يش 10: 13 - 14).
ويقول الكتاب المقدس إن الله الذي خلق الكون يستطيع أن يحفظ الكون حتى ولو وقفت الشمس، أو بمعنى أدق لو وقفت الأرض على محورها، فبدت الشمس كأنها واقفة لا تتحرك. ويقولون أيضا إن المدقق في النص العبري يتضح له أنه لم يقل عن الشمس أنها وقفت لا تتحرك.
فالأمر الذي وجهه يشوع (يش 10: 12)، هو " يا شمس دومي " ومعنى ذلك، اسكتي. وقوله:
وقفت الشمس (ع 13)، يعني حرفيا: سكتت.
ويتضح أن الشمس والقمر تأخر غروبهما، أي أنهما لم يقفا بغير حركة، بل تأخر أفولهما عن المعتاد.
ويحدثنا التاريخ عن سفر يشوع، أن ذلك كما جاء في سفر ياشر. ومما تجدر ملاحظته أن التاريخ أيضا يشهد بحوادث مماثلة. ويقول هيرودوت أن كهنة المصريين أطلعوه على وثائق تتحدث عن يوم أطول من المعتاد. وتفيد الكتابات الصينية أنه كان هناك يوم مماثل لهذا في عهد امبراطورهم يو، وهو معاصر ليشوع وفي المكسيك وثائق تثبت أن يوما طويلا حدث في إحدى السنين، وهي نفس السنة التي كان يشوع فيها يوالي حروبه.
وهناك بعض المفسرين ممن يعتقدون أن المعركة كانت حامية الوطيس لدرجة أنه خيل لبني إسرائيل أن النهار كان أطول من المعتاد. وسواء أكان هذا أم ذاك فنحن نؤمن باله لا يعسر عليه شئ.
وقد قاد يسوع معارك الغزو لي شمالي كنعان وأخذ حاصور وغيرها من المدن (يشوع 11: 1 - 15). وقد