لا يقول لك صاحب البيت " قم واجلس أسفل "، فيكون باعثا لك على الخجل، واجلس في أحقر موضع، ليجئ الذي دعاك ويقول " قم يا صديق واجلس هنا في الأعلى " فيكون لك حينئذ فخر عظيم، لأن من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع، الحق أقول لكم إن الشيطان لم يخذل إلا بخطيئة الكبرياء كما يقول أشعيا موبخا إياه بهذه الكلمات " كيف سقطت من السماء يا كوكب الصبح، يا من كنت جمال الملائكة وأشرقت كالفجر، حقا إن كبرياءك قد سقطت للأرض "، الحق أقول لكم إذا عرف الإنسان شقاءه، فإنه يبكي هنا على الأرض، ويحسب نفسه أحقر من كل شئ آخر، ولا سبب وراء هذا لبكاء الإنسان الأول وامرأته مائة سنة بدون انقطاع، طالبين رحمة من الله، لأنهما علما يقينا أين سقطا بكبريائهما "، ولما قال يسوع هذا شكر...
فشكر الشعب الله مباركين اسمه القدوس ".
وانصرف يسوع من أورشليم، وذهب إلى البرية وراء الأردن، فقال تلاميذه الذين كانوا جالسين حوله " يا معلم قل لنا كيف سقط الشيطان بكبريائه، لأننا نعلم أنه سقط بسبب العصيان، ولأنه كان دائما يفتن الإنسان ليفعل شرا (1) "!
أجاب يسوع " لما خلق الله كتلة من التراب، وتركها خمسا وعشرين ألف سنة بدون أن يفعل شيئا آخر، علم الشيطان الذي كان بمثابة كاهن ورئيس للملائكة، لما كان عليه من الإدراك العظيم، أن الله سيأخذ من تلك الكتلة مائة وأربعة وأربعين ألفا، موسمين بسمة النبوة، ورسول الله الذي خلق الله روحه قبل كل شئ بستين ألف سنة، ولذلك غضب الشيطان، فأغرى الملائكة قائلا " انظروا، سيريد الله يوما أن نسجد لهذا التراب، وعليه فتبصروا في أننا روح وأنه لا يليق أن نفعل ذلك "... من ثم قال الله يوما لما التأمت الملائكة