الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٦٧
والأحلام العظيمة والأفكار الجليلة والآثار المحمودة، فتعصبوا لخلال الحمد من الحفظ للجوار والوفاء بالذمام والطاعة للبر والمعصية للكبر والأخذ بالفضل والكف عن البغي والإعظام للقتل والانصاف للخلق والكظم للغيظ واجتناب الفساد في الأرض واحذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات، بسوء الأفعال وذميم الأعمال، فتذكروا في الخير والشر أحوالهم، واحذروا أن تكونوا أمثالهم، فإذا تفكرتم في تفاوت حاليهم، فالزموا كل أمر لزمت العزة به شأنهم، وزاحت الأعداء عنهم ومدت العافية فيه عليهم وانقادت النعمة له معهم ووصلت الكرامة عليه حبلهم من الاجتناب للفرقة واللزوم للألفة والتحاض عليها والتواصي بها، واجتنبوا كل أمر كسر فقرتهم وأوهن منتهم، من تضاعن القلوب وتشاخص الصدور وتدابر النفوس وتخاذل الأيدي، وتدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم، كيف كانوا في حال التمحيص والبلاء، ألم يكونوا أثقل الخلائق أعباء وأجهد العباد بلاء وأضيق أهل الدنيا حالا، اتخذتهم الفراعنة عبيدا، فساموهم سوء العذاب وجرعوهم المرار، فلم تبرح الحال بهم في ذل الهلكة وقهر الغلبة، لا يجدون حيلة في امتناع ولا سبيلا إلى دفاع، حتى إذا رأى الله جد الصير منهم على الأذى في محبته والاحتمال للمكروه من خوفه، جعل لهم من مضايق البلاء فرجا، فأبدلهم العز مكان الذل، والأمن مكان الخوف، فصاروا حكاما وأئمة أعلاما، وبلغت الكرامة من الله لهم ما لم تبلغ الآمال إليه بهم (1) ".
(ا) ولقد جاء في الفصلين الرابع والثلاثين والخامس والثلاثين من إنجيل برنابا عن الكبر:
" حينئذ ابتدأوا يأكلون بخوف الله، وبعد أن أكلوا قليلا، قال يسوع أيضا: " الحق أقول لكم إن إحراق مدينة، لأفضل من أن يترك فيها عادة رديئة، لأنه لأجل مثل هذا بغضب الله على رؤساء وملوك الأرض الذين أعطاهم الله سيفا، ليقفوا الآثام "، ثم قال بعد ذلك يسوع: " متى دعيت فاذكر أن لا تضع نفسك في المواضع الأعلى، حتى إذا جاء صديق لصاحب البيت أعظم منك،

(١) راجع ص ٣٩٦ - ٤١٩ من نهج البلاغة ج ١.
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»