الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٤١٧
على حسب ما يريد مراده، وهو عين ما اقتضته صفاته، فهو سبحانه وتعالى يجزيهم على حسب مقتضى أسمائه وصفاته.. (1) ".
(ثالثا) أن توحيد الذات الإلهية، على الوجه الذي يجعل منها مصدرا للهدى والخير وما يجري مجراهما فقط، ليس توحيدا بالمعنى الصحيح، وإنما هو أشبه ما يكون بالإلحاد، إذ من شأنه أن يجعل إلى جانب الذات الإلهية الأحدية، التي هي مصدر حقيقي لكل مظاهر الهدى والخير والإيمان والنعيم، ذاتا أخرى تصدر عنها صور الضلال والشر والكفر والشقاء، يعني الانسلاخ من آي الجمع - وإشراك ما هو من صنع الله، بالله - على حد تعبير ابن الفارض نفسه - والتوحيد بهذا المعنى إلحاد.
وقد أشار ابن الفارض إلى هذا، بقوله:
ألا هكذا، فلتعرف النفس، أو فلا * ويتل بها الفرقان، كل صبيحة وعرفانها من نفسها، وهي التي * على الحس ما أملت، مني أملت ولو أنني وحدت ألحدت، وانسلخت * من آي جمعي، مشركا بي صنعتي وكان جميلا من الدكتور محمد مصطفى حلمي، أن أورد في آخر بحثه، نقدا للكلام السابق، جاء فيه:
قد أورد ابن تيمية بيتا، ينسب عادة إلى ابن عربي، الذي يقرر فيه وحدة العقائد، والتسوية بينها، فيقول:
عقد الخلائق، في الإله عقائدا * وأنا اعتقدت، جميع ما اعتقدوه ونظر ابن تيمية في هذا البيت، وحاول أن يجرحه من الناحية المنطقية، فرأى فيه تناقضا، لأن الجمع بين النقيضين في الاعتقاد، غاية الفساد، ولأن

(1) اعتقد الجبرية والجهمية - أتباع جهم بن صفوان - خاصة أن أفعال الإنسان واقعة بقدرة الله تعالى وحدها. وهذا المذهب في الجبر، معارض لمذهب المعتزلة في الاختيار على أن الصوفية لم يأخذوا إلا بمذهب الجبرية، ولم يستندوا إلا على الآيات التي تؤيده، مثل قوله تعالى " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا، وأنكم إلينا لا ترجعون " وقوله " وكذلك يهدي الله من يشاء، ويضل من يشاء "، وقوله " هو الذي خلقكم، فمنكم كافر ومنكم مؤمن، والله بما تعملون بصير ".
(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»