دون الشرائع، فإنها مختلفة.. وأنها هدى، ما لم تنسخ، فإن نسخت لم تبق هدى، بخلاف أصول الدين، فإنها هدى أبدا (1) " (4) هذا، ولقد ذكرت في كتابي " مبادئ الإسلام " أن الشريف منصور سئل عن سبب تعدد الشرائع الربانية، ونسخ بعضها بعضا، مع كونها متفقة في المصدر والتوحيد، فقال إنما جاءت الشرائع الربانية متفقة على توحيد الإله تعالى، وإن اختلفت في أحكام العبادات والمعاملات بمناسبة أحوال الأمم، وإن الدين عند الله في الكل واحد، وهو الإسلام، وهو العمل بما جاءت به الرسل من اعتقاد وفعل وترك.
فمن الأمم، من عرف بأسماء الرسل، كقوم نوح عليه السلام، ومنهم من تسمى بوصف من الدين، كقوم موسى عليه السلام، تسموا باليهود، من قوله " واكتب لنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة، إنا هدنا إليك "، وقوم عيسى عليه السلام تسموا بالنصارى، من قوله " من أنصاري إلى الله، قال الحواريون نحن أنصار الله، آمنا بالله، واشهد بأنا مسلمون "، ومنهم من تسمى بأصل الدين، وهم أمة محمد عليه السلام صاحب الدعوة العامة للإنس والجن كلهم " ومن يبتغ غير الإسلام دينا، فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين (2) ".
ولقد ضرب لنا نبينا الكريم، مثلا للمسلمين واليهود والنصارى، فعن أبي موسى رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مثل المسلمين واليهود والنصارى، كمثل رجل استأجر قوما يعملون له عملا إلى الليل، على أجر معلوم، فعملوا له إلى نصف النهار، فقالوا لا حاجة لنا إلى أجرك الذي شرطت لنا، وما عملنا باطل! فقال لهم: لا تفعلوا! أكملوا بقية عملكم وخذوا أجركم كاملا! فأبوا، وتركوا، واستأجر آخرين بعدهم، فقال: أكملوا