عن الله " فليس من الخير إذا ترك الضال في ضلاله وذي الظلام في ظلامه، ولكن الخير هو إنارة الطريق أمام الجميع، والطموح إلى المثل الأعلا الحق الذي يصل إلى الصراط المستقيم، " فليحذر الذين يخالفون عن أمره، أن تصيبهم فتنة، أو يصيبهم عذاب أليم "!
(2) ولقد عنى الباحثون في هذا العصر " عصر الذرة "، وعصر " محاولة اجتياز الفضاء وتصوير صور الماضي وتسجيل أصواته "، إلى البحث عن السبيل إلى وحدة الأديان، فخصص الدكتور محمد مصطفى حلمي فصلا من كتابه " ابن الفارض والحب الإلهي " سماه " الحب ووحدة الأديان "، قال في آخره " ليس من شك في أن ما انتهى إليه ابن الفارض وأشباهه من الصوفية من وحدة الأديان، واتخاذه من الحب دينا، واعتبار انحرافه عن هذا الدين، مفارقة لدين الإسلام وارتدادا عنه، قد اشتمل في ثناياه على كثير من المعاني الراقية والمثل العليا، التي إن أخذ الناس أنفسهم بتحقيقها، صفت نفوسهم وخلصت قلوبهم، وسمت مشاعرهم، فإذا هم ينظرون بعضهم إلى بعض، على أنهم إخوة متساوون متآخون، لا فرق بينهم بين إنسان وإنسان، ولا بين معتنق لدين ومعتنق لدين آخر، لأن الأديان كلها من الله، قضى بكل دين منها على فريق من الناس، بحيث لم يختر أحد لنفسه ما يعتنقه من هذا الدين أو ذاك، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى أن تزول الحواجز بين أفراد الإنسان وتحل الوحدة والألفة محل الكثرة والتفرقة، ويمحو نور التسامح والإخاء، ظلمة التعصب والشقاء، فتأتلف القلوب وتتحاب النفوس، ويصبح الناس جميعا إخوانا متحابين، لا أعداء متنابذين.. "!
أي أن الدكتور يرى اعتناق مذهب ابن الفارض في وحدة الأديان، لتزول الحواجز، وتحل الوحدة والتسامح والائتلاف، محل التعصب والعداوة والشقاق!
وخلاصة بحثه في هذا الموضوع، هي أن الحب الإلهي الذي ملك على ابن الفارض حياته الروحية كلها، لم يقف به عند حد شهود الوحدة بين ذاته وبين ذات الله تارة، وبين ذات الله والعالم تارة أخرى، وبين حقيقة القطب القديمة