حقيقتها! إن معرفة الله لا يمكن أن تكون محدودة في شئ واحد، وإنما هي حقيقة شائعة وواضحة في النظرة الشاملة إلى الكون جميعه، فليس الله محدودا - فيحد في مكان أو زمان - ولهذا كان على النفس أن تعبد الله، إلى عبادتها الظاهرة عبادة باطنة، بينها وبين الله، بإزالة الحواجز الروحية التي تعترض الروح في سموها وفهمها حقائق الأشياء، وباتحادها بالمعاني الجميلة التي يقبلها الضمير في غير تردد، وبالهداية إلى البر والخير والمحبة (1) "!
ورابندرانات تاجور هذا، هو الذي يقول في " القربان الشعري " مخاطبا العزة الإلهية: " أنت الذي أريده، أنت وحدك، أنت يا رب، أنا مصغ إليك، مأخوذ أبدا بك في صمت، لست أعرف كيف أدرك أسرار إلهامك، إن موسيقاك لتضئ الدنيا وتسري بأنفاسها في أرجاء السماء، بينما يجتاز فيضها المقدس، السدود، ويجرف الأصفاد... إني واثق فيك أيها الحق الكريم الذي أشعلت نور الحكمة في عقلي، سأبذل نفسي لألتمسك في جميع أعمالي، أيا قوي! إن قوتك تهبني الصبر على العمل (2) "!
وهو الذي يقول:
" رب! إله البشر جميعا، تنزهت عن كل لون وجنس، يا مهيمنا على جميع الأمم، وإن اختلفت ألوانها، وحد بين قلوبنا، وألهمنا تبادل المحبة، وأيدها بروح الحق والعدل (3) "!
وقد زار تاجور هذا مصر سنة 1926، ولقيه أستاذانا المرحوم الشيخ مصطفى عبد الرازق والدكتور طه حسين، فسأله أحدهما " ألم تفكر في توحيد ما بين المسلمين وغيرهم من أهل الهند من الناحية الدينية، بأن يتحد مذهب أولئك وهؤلاء في الدين مثلا؟، فأجاب " ما فكرت في ذلك، وما ينبغي أن يفكر فيه أحد، فذلك في ذاته غير ميسور "، وعلل هذا بقوله: " إن الدين