صدرها، فقال " الدين للديان "، فقلت " إني أؤمن بأن الدين للديان، وأنا مع هذا من دعاة حب الناس جميعا، والعدل معهم في المعاملة والصفاء فيها جميعا، لأنهم جميعا خلق الله، ورياضتي يوم الجمعة، مثل رياضتي يومي السبت والأحد، ولكنني أيضا من دعاة الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولذا تحدثت عن إنجيل برنابا، وفيه جمع للمعنيين "!
ثم قرأت في مجلة العربي من يقول لمحررها " دعوا الناس تسلك أي طريق تشاء "، وأعجبني " الدكتور الأديب أحمد زكي في قوله " إن الدين صفاء، لا يلبث الناس أن يضعوا أيديهم فيه، فيتعكر، فإن أردت دينا صافيا، فاطلبه قبل أن تلوثه أيدي الناس، أما " دعوا الناس تسلك أي طريق تشاء "، فأظن أنها دعوة هي من سمة العصر، فاليوم لا يقف مسلم في سبيل مسيحي، ليقول له أنت مسيحي.. وأنت.. وأنت.. وإنك.. ولا يقف بوذي في سبيل مسيحي، ولا مسلم في سبيل بوذي، فإن كانت النصيحة في أمر دين، فلها ظرفها ولها مناسبتها، فما تحرم النصائح في سبيل الخير، أو ما يعتقد صاحبه أنه الخير في الوقت المناسب والمكان المناسب!.. (1) ".
ولقد تساءل الأخ الأستاذ محمود المنجوري في بحثه الوحدة الروحية، عن الشاعر الهندوكي رابندرانات تاجور، وعن كيف يعرف الإنسان ربه، فقال إن تاجور أجاب بقوله " يجب تفهم طبائع الرغبة الحافزة بالإنسان، عندما يحاول معرفة حقيقة الله! ليست هي رغبة الدرس والطموح إلى معلومات جديدة، تضاف إلى تفكيره - وإلا كان هذا البحث عملا شاقا غير مجد - لأن النفس عندما تشتاق إلى معرفة الله، وعندما تبحث عنه، فإنها تبحث عن خلاصها من قيود الفكر والأوضاع المقيدة، لما تألف من منطق وعرف، فكل بحث وكل إدراك للحقائق التي تحيط بالإنسان، إنما في الحق هو فهم لقدرة الخالق المبدع للكائنات - وليس هذا الجهد بعمل يضيف شيئا جديدا إلى معارفنا، أو بطموح إلى مزيد في متاع الدنيا، وإنما هو بذل من النفس يقربها من