الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٢٥٥
وقفت من حديثنا على قطر من بحر، من فيض الأخلاق المحمدية والسيرة الكريمة الراضية المرضية، فإذا سألت عن الاقتصاد في الأعمال وجدت الرسول الكريم على رأس المقتصدين، مع أنه على رأس المتقين، على أنه كثير الإعتكاف، وكان أبر الناس بأهله وولده والمسلمين، شديد الورع، يأمر في الغزو بتقوى الله، ويأمر بحسن معاملة الخدم وإحسان معاملتهم، وكان شديد الرفق بالحيوان، شديدا في تحري ما يأكله هو أو يأكله أهله، يحب الاجتماع في السفر وإعانة الرفيق فيه، وكان ينهى عن طرق النساء ليلا بعده، وكان شديد الحث على الصدقة وشديد القيام بها، وكان أشد الناس بغضا للمدح، وتواضعا لله، ويكره أن يجابه أحدا، ويكره الخبث حتى لفظه!
هذه أمثلة من سيرة محمد ونفحة من فيض كريم خلقه، سيرة هي النبراس والمثل الأعلى لمن عاش للحق ومات في سبيل الحق، سيرة تدر على المسلمين التعاليم الإسلامية الكريمة التي يؤمنون بها فتسموا بأراوحهم وتسمو بنفوسهم وتقويهم! سيرة نبيلة جعلت محمدا ملء العيون والقلوب، وجعلته من عظيم خلقه أحب إلى المسلمين من أموالهم وأولادهم ونفوسهم! هذه سيرة محمد باذل روحه ونفسه لإسعاد البشر، " قل ما أسألكم عليه من أجر، إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا (1) "!
بدء الوحي:
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أول ما بدئ به رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، من الوحي، الرؤيا الصالحة في النوم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، وحبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد، قبل أن ينزل إلى أهله، يتزود لذلك، حتى جاءه الحق، وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ! فقال ما أنا بقارئ!

(1) راجع ص 35 - 65 و 127 - 142 و 151 - 173 و 493 - 528 من وحي الأحاديث المحمدية ج 1 لمحمود علي قراعة.
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»