الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٢٥٦
قال: فأخذني فغطني (1) حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: إقرأ! فقلت لست بقارئ، فغطني الثانية، حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال اقرأ!
فقلت: ما أنا بقارئ! فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد! ثم أرسلني فقال: " اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم " فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة: فقال زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر، وقال لقد خشيت على نفسي، قالت له خديجة كلا: أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا، إنك تصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل (2) وتكسب المعدوم (3) وتقري الضيف، ثم انطلقت به إلى ورقة بن نوفل وكان امرأ تنصر في الجاهلية وكان يكتب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت خديجة يا ابن عم اسمع من ابن أخيك ما يقول! قال يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال له ورقة هذا الناموس (4) الذي أنزل على موسى، يا ليتني فيها جذعا (5) ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال صلى الله عليه وسلم، أو مخرجي هم؟! قال: نعم!
لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك، أنصرك نصرا مؤزرا (6) ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي (7) ".

(1) غطه إذا حطه بشدة.
(2) الكل العيال والحوائج المهمة.
(3) أي تنال كل معدوم أو وتوصله إلى كل ما هو معدوم عنده.
(4) الناموس: صاحب سر الملك، الذي لا يحضر إلا بخير، وهو جبرئيل الموكل بالوحي والغيب.
(5) جذعا: كناية عن الشباب، يتمنى أن لو كان شابا، عند ظهوره، ليعينه وينصره.
(6) مؤكدا.
(7) راجع ص 322 من تيسير الوصول ج 3 للشيباني.
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»