الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ١١٣
إنه لخاسر، لأنه في تلك الليلة توفي، ولقد كان يجب عليه العطف على المسكين، وأن يجعل لنفسه أصدقاء من صدقات أموال الظلم في هذا العالم، لأنها تأتي بكنوز في عالم السماء، وقولوا لي من فضلكم إذا وضعتم دراهمكم في مصرف عشار، فأعطاكم عشرة أضعاف وعشرين ضعفا، أفلا تعطون رجلا كهذا كل ما لكم (1)، ولكن الحق أقول إنكم مهما أعطيتم وتركتم لأجل محبة الله، فستستردونه مائة ضعف مع الحياة الأبدية، فانظروا إذا كم يجب عليكم أن تكونوا مسرورين في خدمة الله (2) "!
(3) القضاء بالعدل:
يجب أن يحكم الإنسان على عمل غيره بالعدل، فلا يمدح إلا الخير ولا يذم إلا الشر، فإن الباطل هو رأس كل الخطايا، فمن نصره كان آثما سواء أكان قاضيا أم غير قاض، وهو إن كان قاضيا أشد إثما، ومن هؤلاء من يعرف الحق ويعمل عكسه، أو يعرف الخير ويعمل الشر، وكذلك من يحاول منع من يفعل حسنا أو يتكلم حسنا! " لا يؤنسك إلا الحق ولا يوحشنك إلا الباطل، فلو قبلت دنياهم لأحبوك، ولو قرضت منها لأمنوك (3) " " أما إنه ليس بين الباطل والحق إلا أربع أصابع، الباطل أن تقول سمعت والحق أن تقول رأيت (4) "، " وقد علمتم أنه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين، البخيل، فتكون في أموالهم نهمته، ولا الجاهل فيضلهم بجهله، ولا الجافي فيقطعهم بجفائه، ولا الحائف للدول فيتخذ قوما دون قوم، ولا المرتشي في الحكم فيذهب

(١) هذا ليس تبريرا للربا، بل مجرد فرض للتمثيل بالتضعيف، لأنه كان يحارب العشارين والمرابين.
(٢) راجع ص ١٨ - ٢٠ من إنجيل برنابا.
(٣) راجع ص ٢٦٦ من نهج البلاغة ج ١.
(٤) راجع ص ٢٧٨ من نهج البلاغة ج ١ وسئل علي بن أبي طالب عن معنى قوله أربع أصابع، فجمع بين أصابعه ووضع بين أذنه وعينه.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»