الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ١١٦
والصلاح فساد، الذي يرفض لذلك السبب الصلاح ويختار الخطيئة، إنه سيحل به قصاص لا يطاق متى جاء الله ليدين العالم، ما أكثر الذين هلكوا بسبب القضاء الجائر، وما أكثر الذين أوشكوا أن يهلكوا، قضى فرعون على موسى وشعوب إسرائيل بالكفر، وقضى شاول على داود بأنه مستحق للموت، وقضى أخاب على إيليا ونبوخذنصر على الثلاثة الغلمان الذين لم يعبدوا آلهتهم الكاذبة، وقضى الشيخان على سوسنة، وقضى كل الرؤساء عبدة الأصنام على الأنبياء، ما أرهب قضاء الله! يهلك القاضي وينجو المقضى عليه، ولماذا هذا أيها الإنسان إن لم يكن لأنهم يحكمون على البرئ ظلما بالطيش، ما كان أشد قرب الصالحين من الهلاك لأنهم حكموا باطلا، يتبين ذلك من قصة إخوة يوسف الذين باعوه حكما على أخيهما، وثلاثة من أصدقاء أيوب، حكموا على خليل الله البرئ أيوب، وداود قضى على مغيبوشت وأوريا وقضى كورش بأن يكون دانيال طعاما للأسود، وكثيرون آخرون أشرفوا على الهلاك بسبب هذا، أقول لكم لا تدينوا فلا تدانوا "!
فلما أنجز يسوع كلامه، تاب كثيرون نائحين على خطاياهم وودوا لو يتركون كل شئ ويتبعونه، ولكن يسوع قال ابقوا في بيوتكم واتركوا الخطيئة واعبدوا الله بخوف، فبهذا تخلصون، لأني لم آت لأخدم بل لأخدم " ولما قال هذا خرج من المجمع والمدينة، وانفرد في الصحراء ليصلي، لأنه كان يحب العزلة كثيرا (1).
(ب) وجاء في الفصل الرابع والستين من إنجيل برنابا عن اضطهاد الخاطئ:
" لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته، إن الخاطئ لمريض العقل، متى اضطهد إنسانا، فقولوا لي أيشج أحد رأسه لتمزيق رداء عدوه؟ فكيف يكون صحيح العقل من يفصل عن الله رأس نفسه، ليضر جسد عدوه! قل لي أيها الإنسان من هو عدوك؟ إنما هو جسدك وكل من يمدحك، فكذلك لو كنت صحيح العقل لقبلت يد الذين يعيرونك، وقدمت هدايا للذين

(1) راجع ص 77 - 81 من إنجيل برنابا.
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»