الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ١١٢
" جمع يسوع ذات يوم تلاميذه وصعدوا إلى الجبل، فلما جلس هناك، دنا منه التلاميذ، ففتح فاه وعلمهم قائلا: عظيمة هي النعم التي أنعم بها الله علينا فترتب علينا من ثم أن نعبده بإخلاص قلب... الحق أقول لكم، كما أنه لا يتأنى للإنسان أن ينظر بعينه إلى السماء والأرض معا في وقت واحد، فكذلك يستحيل عليه أن يحب الله والعالم، لا يقدر رجل أبدا أن يخدم سيدين أحدهما عدو للآخر، لأنه إذا أحبك أحدهما، أبغضك الآخر، فكذلك أقول لكم حقا، إنكم لا تقدرون أن تخدموا الله والعالم، لأن العالم موضوع في النفاق والجشع والخبث، لذلك لا تجدون راحة في العالم، بل تجدون بدلا منها اضطهادا وخسارة، إذا فاعبدوا الله واحتقروا العالم، إذ متى تجدون راحة لنفوسكم، أصيخوا السمع لكلامي لأني أكلمكم بالحق! طوبى للذين ينوحون على هذه الحياة، لأنهم يتعزون! طوبى للمساكين الذين يعرضون حقا عن ملاذ العالم، لأنهم سيتنعمون بملاذ ملكوت الله! طوبى للذين يأكلون على مائدة الله، لأن الملائكة ستقوم على خدمتهم! أنتم مسافرون كسياح، أيتخذ السائح لنفسه على الطريق قصورا وحقولا وغيرها من حطام العالم؟! كلا ثم كلا! ولكنه يحمل أشياء خفيفة ذات فائدة وجدوى في الطريق، فليكن هذا مثلا لكم، وإذا أحببتم مثلا آخر، فإني أضربه لكم، لكي تفعلوا كل ما أقول لكم!
لا تثقلوا قلوبكم بالرغائب العالمية قائلين من يكسونا أو من يطعمنا، بل انظروا الزهور والأشجار مع الطيور التي كساها وغذاها الله ربنا بمجد أعظم من مجد سليمان، والله الذي خلقكم ودعاكم إلى خدمته، هو قادر أن يغذيكم، الذي أنزل المن من السماء على شعبه إسرائيل، في البرية أربعين سنة، وحفظ أثوابهم من أن تعتق أو تبلى، أولئك الذين كانوا ستمائة وأربعين ألف رجل، خلا النساء والأطفال، الحق أقول لكم إن السماء والأرض تهنان، بيد أن رحمته لا تهن للذين يتقونه!
أغنياء العالم هم على رخائهم جياع، وسيهلكون! كان غني ازدادت ثروته، فقال ماذا أفعل يا نفسي، إني أهدم أهرائي لأنها صغيرة وأبني أخرى جديدة أكبر منها، فتظفرين بمناك يا نفسي!
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»