فواضح من رغائبه أنه العدو الألد لكل صلاح، فإنه وحده يتوق إلى الخطيئة!
أيجب إذا على الإنسان مرضاة لأحد أعدائه أن يترك مرضاة الله خالقه؟!
تأملوا هذا، إن كل القديسين والأنبياء، كانوا أعداء جسدهم لخدمة الله، لذلك جروا بطيب خاطر إلى حتفهم، لكيلا يتعدوا شريعة الله المعطاة لموسى عبده ويخدموا الآلهة الباطلة الكاذبة! اذكروا إيليا الذي هرب جائبا قفار الجبال، مقتاتا بالعشب ومرتديا جلد المعز! أواه، كم من يوم لم يأكل! أواه ما أشد البرد الذي احتمله! أواه كم من شؤبوب بلله! ولقد عانى مدة سبع سنين شظف اضطهاد تلك المرأة النجسة إيزابل! اذكروا أليشع الذي أكل خبز الشعير، ولبس أخشن الثياب! الحق أقول لكم إنهم إذ لم يخشوا أن يمتهنوا الجسد، روعوا الملوك والرؤساء، وكفى بهذا امتهانا للجسد! أيها القوم إذا نظرتم إلى القبور، تعلمون ما هو الجسد (1) "!
(ج) وجاء في الفصل الرابع والعشرين من إنجيل برنابا مثل جلي لكيف يجب على الإنسان أن يهرب من الولائم والتنعم:
" ولما قال يسوع ذلك، بكى، قائلا: الويل للذين هم خدمة أجسادهم، لأنهم حقا لا ينالون خيرا في الحياة الأخرى، بل عذابا لخطاياهم! أقول لكم إنه كان نهم غني لم يهمه سوى النهم، وكان يؤلم وليمة عظيمة كل يوم، وكان واقفا على بابه قصير يدعى لعازر وهو ممتلئ قروحا، ويشتهي أن يشبع من الفتات الساقط من مائدة النهم، ولكنه لم يعطه أحد إياه، بل سخر به الجميع، ولم يتحنن عليه إلا الكلاب، لأنها كانت تلحس قروحه، وحدث أن مات الفقير واحتملته الملائكة إلى ذراعي إبراهيم أبينا، ومات الغني أيضا واحتملته الشياطين إلى ذراعي إبليس، حيث عانى أشد العذاب، فرفع عينيه ورأى لعازر من بعيد على ذراعي إبراهيم، فصرخ حينئذ الغني " يا أبتاه إبراهيم ارحمني! وابعث لعازر ليحمل على أطراف بنانه قطرة ماء تبرد لساني الذي يعذبه هذا اللهيب "، فأجاب إبراهيم " يا بني! أذكر أنك استوفيت طيباتك في حياتك، ولعازر