اقضوا بالعدل يا أبناء الناس، فما أشقى أولئك الذين يجلسون على منعطفات الشوارع، ولا عمل لهم إلا الحكم على المارة قائلين " ذلك جميل! وهذا قبيح!
ذلك حسن " وهذا ردئ "، ويل لهم لأنهم يرفعون قضيب الدينونة من يد الله الذي يقول " إني شاهد وقاض، ولا أعطي مجدي لأحد "، الحق أقول لكم إن هؤلاء يشهدون بما لم يروا ولم يسمعوا قط، ويقضون دون أن ينصبوا قضاة، وإنهم لذلك مكروهون على الأرض أمام عين الله الذي سيدينهم دينونة رهيبة في اليوم الآخر، ويل لكم! ويل لكم أنتم الذين تمدحون الشر وتدعون الشر خيرا.. فتأملوا أي قصاص يحل بكم، وإن الوقوع في دينونة الله مخوف، وستحل حينئذ على أولئك الذين يبررون الأثيم لأجل النقود، ولا يقضون في دعوى اليتامى والأرامل، الحق أقول لكم إن الشياطين سيقشعرون من دينونة هؤلاء " لأنها ستكون رهيبة جدا، أيها الإنسان المنصوب قاضيا، لا تنظر إلى شئ آخر، لا إلى الأقرباء ولا إلى الأصدقاء ولا إلى الشرف ولا إلى الربح، بل انظر فقط بخوف الله إلى الحق الذي يجب عليك أن تطلبه باجتهاد عظيم، لأنه يقيك دينونة الله، ولكني أنذرك أن من يدين بدون رحمة، يدان بدون رحمة ".
" قل لي أيها الإنسان الذي تدين غيرك، ألا تعلم أن منشأ كل البشر من طينة واحدة، ألا تعلم أنه لا يوجد أحد صالح إلا الله وحده، لذلك كان كل إنسان كاذبا وخاطئا! صدقني أيها الإنسان أنك إذا كنت تدين غيرك على ذنب، فإن في قلبك منه ما تدان عليه، ما أشد القضاء خطرا، ما أكثر الذين هلكوا بقضائهم الجائر، فإن الشيطان حكم على الإنسان بأنه أنجس منه، لذلك عصى الله خالقه تلك المعصية التي لم يتب عنها... وقد حكم أبوانا الأولان بحسن حديث الشيطان، فطردا لذلك من الجنة، وقضيا على كل نسلهما، الحق أقول لكم، لعمر الله الذي أقف في حضرته، إن الحكم الباطل هو أبو كل الخطايا، لأنه لا أحد يخطئ بدون إرادة، ولا أحد يريد ما لا يعرف، ويل إذا للخاطئ الذي يحكم في قضائه بأن الخطيئة صالحة