مطمئن بالإيمان)، وقال: (ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)، وقال: (كتب في قلوبهم الإيمان)، ومعلوم أن القلب محل الاعتقاد لا محل العمل.
(الثالث): أن الله قال أثبت الإيمان مع الكبيرة، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص)، فسمى قاتل النفس عمدا عدوانا مؤمنا، والدليل على أن الاقرار ليس بإيمان نفي الله الأيمن عمن قال من المنافقين آمنا، قال تعالى:
(الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم)، وقال تعالى: (قالت الأعراب آمنا، قل لو تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم).
ومن حيث المعقول أنه لا وجود للشئ إلا بوجود ركنه، والإنسان مؤمن على التحقيق من حين آمن بالله إلى أن يموت بل إلى الأبد، وإنما يكون مؤمنا بوجود الإيمان وقيامه به حقيقة ولا وجود للإقرار في كل لحظة، فدل أنه مؤمن بما معه من التصديق القائم بقلبه الدائم بتجدد أمثاله، لكن الله تعالى أوجب الاقرار ليكون شرطا لإجراء أحكام الدنيا، إذا لا وقوف للعباد على ما في القلب فلا بد لهم من دليل ظاهر والله تعالى مطلع على ما في الضمائر فتجري أحكام الآخرة على التصديق بدون الاقرار، حتى أن من أقر ولم يصدق فهو مؤمن عندنا، وعند الله تعالى هو من أهل النار، ومن صدق بقلبه ولم يقر بلسانه من غير عناد ولا تمكن فهو كافر عندنا، وعند الله تعالى مؤمن من أهل الجنة، إذا تقرر بهذا فالمتكلمون الذين عناهم خصوصا فحكم عليها بالشرك لزعمه تقصيرهم عن معرفة الأدلة العقلية التي ذكرها الله تعالى في كتاب وجهلهم توحيد الألوهية وإثبات حقائق أسماء الله وصفاته وعبادتهم غيره، هم الأمة الإسلامية المعاصرة له المالكية والشافعية والحنفية وفضلاء الحنابلة، لكونها كلها في أصول الدين على مذهبي الأشعري والماتريدي.
ولا يخفى على كل من له مسكة من عقل ودين أنها صدقت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في كل ما جاء به من عند الله عز وجل مما علم مجيئه به بالضرورة صدقت بقلوبها وأقرت بألسنتها وعملت بجوارحها.