التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ٥٠
منه في اللغة، ولو جاز ذلك لجار صرف كل اسم عن موضوعه في اللغة وفيه إبطال اللسان، ولم يصح حينئذ الاحتجاج بالقرآن.
والدليل على صحة ما ذكرنا جواب النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام:
(ما الإيمان؟) بقوله: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله = الحديث) وروي أن جبريل عليه السلام قال بعد ذلك: (فإذا قلت هذا فأنا مؤمن) قال (نعم) فلو كان الإيمان اسما لما وراء التصديق لكان تفسير النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إياه بالتصديق خطأ وقوله نعم كذبا والقول به باطل.
واستدل المحققون على أن الأعمال الصالحة خارجة عن حقيقة الإيمان بوجوه، أحدها أن الله سبحانه وتعالى فرق بين الإيماني وبين الأعمال في كثير من الآيات نحو قوله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات)، وقوله تعالى: (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون)، وقوله تعالى: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة)، وقوله تعالى: (تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله - الآية)، وغير هذه من الآيات.
والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم لما سئل عن أفضل الأعمال قال: (إيمان بالله لا شك فيه وجهاد لا غلول فيه وحج مبرور)، وكذا في حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عن قلت أي الأعمال أفضل؟، قال: (الإيمان بالله ورسوله) قلت: ثم أي؟ قال (الصلاة لميقاتها) قلت ثم أي؟، قال (بر الوالدين)، ووجه ذلك أنه عطف الأعمال على الإيمان والعطف يقتضي المغايرة، وشرط الإيمان لصحة الأعمال في قوله تعالى:
(ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن)، والشرط غير المشروط لا محالة، وصح إيمان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وإيمان أصحاب قبل مشروعية الصلاة والصوم والزكاة والحج غيرها، ولو كانت الأعمال من أركان الإيمان لم يكن الإيمان موجودا بدون أركانه.
(الثاني): إن الله تعالى جعل محل الإيمان القلب فقال: (إلا من أكره وقلبه
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»