كتبا في الرد على الجهمية وغيرهم، وصنف المحدث محمد بن أسلم الطوسي المتوفى سنة اثنتين وأربعين ومائتين وهو من أقران الإمام أحمد أيضا في الرد على الجهمية.
ليس علم الكلام محظورها على المحدث والفقيه وناظر الإمام أحمد بن حنبل المعتزلة في خلق القرآن، وقال الحنابلة إنه صنف كتابا في الرد على الجهمية، ولا يقول من له مسكة من عقل ودين في هؤلاء الأئمة أنهم ليسوا بمتكلمين أو ليسوا بفقهاء، وليس علم الكلام محظورا على المحدث والفقيه ولا علم الحديث محظورا على المتكلم والفقيه. فإن قيل: قد ذم علم الكلام جماعة من السلف فروي عن الشعبي أنه قال من طلب الدين بالكلام تزندق ومن طلب المال بالكيماء أفلس ومن حدث بغرائب الحديث كذب، وروي مثله عن مالك الإمام والقاضي أبي يوسف صاحب الإمام أبي حنيفة، وأجاب الحافظ أبو بكر البيهقي عنه بقوله:
إنما أرادوا بالكلام كلام أهل البدع، لأن عصرهم إنما كان يعرف بالكلام فيه أهل البدع، وأما أهل السنة فقلما كانوا يخوضون في الكلام حتى اضطروا إليه بعد، ويحتمل ذمهم له وجها آخر وهو أن يكون المراد به أن يقتصر على علم الكلام ويترك تعلم الفقه الذي يتوصل به إلى معرفة الحلال والحرام، ويرفض العمل بما أمر بفعله من شرائع الإسلام ولا يلتزم فعل ما أمر به الشارع وترك ما نهى عنه من الأحكام، قال: وقد بلغني عن حاتم الأصم، وكان من أفاضل الزهاد وأهل العلم أنه قال: الكلام أصل الدين والفقه فرعه والعمل ثمره فمن اكتفى بالكلام دون الفقه والعمل تزندق، ومن اكتفى بالعمل دون الكلام والفقه ابتدع، ومن اكتفى بالفقه دون الكلام والعمل تفسق، ومن تفنن في الأبواب كلها تخلص.
وقد روي مثل كلام حاتم هذا عن أبي بكر الوراق. وما ورد عن الإمام الشافعي رضي الله عنه في ذم علم الكلام والمتكلمين ليس على إطلاقه وإنما هو في المبتدعة القدرية وغيرهم الذين جانبوا نصوص الشريعة، كتابا وسنة، وتعمقوا في الأهواء الفاسدة، وأما الكلام الموافق للكتاب والسنة الموضح لحقائق الأصول عند ظهور الفتنة فهو محمود عند العلماء قاطبة يستحيل ذم الشافعي له وقد كان يحسنه ويفهمه.