التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ٤٤
ومخالفي دين الإسلام كما سجل ذلك للأشعرية والماتريدية، ولم يسجل لهم إنهم كانت لهم مجالس بالبحث والمناظرة في الفروع ومسائل الخلاف، فضلا عن مجالس البحث والمناظرة في الأصلين كما سجل ذلك لغيرهم من علماء المسلمين في مدائن المعمورة، حينما كانت الأمة الإسلامية قوية رافعة ألوية مجدها على المشرق والمغرب، ولم يسجل لفاضل حنبلي إنه أثنى على مجسم ثناء بليغا كما سجل ذلك لأبي الفضل التميمي الحنبلي على القاضي الإمام أبي بكر الباقلاني، فقد قالوا حضر يوم موت القاضي أبي بكر الباقلاني، أبو الفضل التميمي الحنبلي العزاء حافيا مع إخوته وأصحابه، وأمر أن ينادي بين يدي جنازته: هذا ناصر السنة والدين: هذا إمام المسلمين. هذا الذي كان يذب عن الشريعة ألسنة المخالفين. هذا الذي صنف سبعين ألف ورقة ردا على الملحدين، وقعد للعزاء مع أصحابه ثلاثة أيام فلم يبرح، وكان يزور تربته كل يوم جمعة، فهل يقول من له مسكة من عقل ودين في الملايين من الأشاعرة والماتريدية من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة أنهم كلهم ليسوا بفقهاء أو ليسوا بمحدثين؟، وإنهم متكلمون قصروا عن معرفة الأدلة العقلية التي ذكرها الله تعالى في كتابة فعدلوا عنها؟، إلى آخر هذيانه، وجاء هو وحده في القرون المتأخرة فعرفها، نعوذ بالله من زلقات اللسان وفساد الجنان ومصارع الاعجاب بالنفس.
يلزم من كلامه هذا إن المعتزلة عرفوا الأدلة العقلية التي ذكرها الله تعالى في كتابه (الثامن): يلزم من كلامه هذا أن المعتزلة الذين هم أفحل طوائف المبتدعة عرفوا الأدلة العقلية التي ذكرها الله تعالى في كتابه ولم يعدلوا عنها إلى طرق أخرى مبتدعة، فإنهم أول فرق المتكلمين نشأوا في آخر المائة الأولى للهجرة، فإن رأسهم عمرو ابن عبيد المتوفى سنة أربع وأربعين ومائة كان يجلس في حلقة سيد التابعين الحسن البصري الذي توفي سنة عشر ومائة، وقد زجر رضي الله تعالى عنه عمرو بن عبيد لما تيقن ضلاله فاعتزل عمرو مجلسه وجعل لنفسه حلقة جهر هو وأصحابه بعقائدهم فيها وناضلوا عليها واعتمدوا على العقليات وتعمقوا فيها ورفضوا كثيرا من سنته عليه الصلاة
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»