عنه، وسلفنا الصالح الصحابة وأتباعهم وأتباع أتباعهم لما نشروا محاسن الدين الإسلامي على المعمورة لم يأمروا الناس بإثبات حقائق أسماء الله وصفاته، ومن شك في هذا أو كابر فليبرز لنا نقلا صحيحا عنهم يدل لهذيانه هذا، ومقصوده به حقائق صفات الله فقط، لأنه يعتقد في ظواهر القرآن والسنة المتشابهة أنها صفات لله حقيقة، فيقول: إنه تعالى استوى على عرشه حقيقة، وفوق العرش حقيقة، تقليدا لسلفه المجسمة، وقد تقدم رد ابن الجوزي عليهم بأن تسميتها صفات بدعة لم يقلها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولا أصحابه، فأسماء الله تعالى مقحم بين المضاف والمضاف إليه.
الوجه الخامس والعشرون الخامس والعشرون: قوله (ولم يعرفوا من التوحيد إلا توحيد الربوبية وهو الاقرار بأن الله تعالى خالق كل شئ، وهذا التوحيد كان يقر به المشركون الذين قال الله عنهم: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله) وقال تعالى:
(قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون الله - الآيات) وقال عنهم (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون)، صريح في تكفير المتكلمين، متناول أيضا للصحابة فمن بعدهم إلى يوم القيامة إلا من قال برأيه، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله (أي ومحمد رسول الله) فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله)، وصح عنه أيضا أنه قال (من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا فهو المسلم الذي له ما لنا وعليه ما علينا)، وصح عنه أيضا أنه قال لمولاه أسامة بن زيد رضي الله عنهما: (أقتله بعد ما قال لا إله إلا الله) فقال يا رسول الله إنما قالها خوفا من السيف فقال له (فهلا شققت عن قلبه حتى تعلم أنه قالها لذلك)، وصح عنه أيضا أنه قال: (إني لم أو مر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم)، وصح عنه أيضا أنه قال:
(إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما). ودلت نصوص الشريعة المستفيضة