التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ١٢٤
لا نسلم ذلك لما سنذكره من حياته صلى الله تعالى عليه وسلم واستغفاره لأمته بعد موته، وإذا أنكر استغفاره، وقد علم كمال رحمته وشفقته على أمته فيعلم أنه لا يترك ذلك لمن جاءه مستغفرا ربه تعالى، فقد ثبت على كل تقدير أن الأمور الثلاثة المذكورة في الآية حاصلة لمن يجئ إليه صلى الله تعالى عليه وسلم مستغفرا في حياته وبعد مماته، والآية وإن وردت في أقوام معينين في حالة لحياة فتعم بعموم العلة كل من وجد فيه ذلك الوصف في الحياة وبعد الموت، ولذلك فهم العلماء منها العموم في الحالتين، واستحبوا لمن أتى قبره صلى الله تعالى عليه وسلم أن يتلوها ويستغفر الله تعالى، وحكاية العتبي في ذلك مشهورة وقد حكاها المصنفون في المناسك من جميع المذاهب والمؤرخون، وكلهم استحسنوا ورأوها من آداب الزائر وما ينبغي له أن يفعله.
وأما السنة: فما ذكرناه في الباب الأول والثاني من الأحاديث، وهي أدلة على زيارة قبره صلى الله تعالى عليه وسلم بخصوصه، وفي السنة الصحيحة المتفق عليها الأمر بزيارة القبور، وقال صلى الله تعالى عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)، وقال صلى الله تعالى عليه وسلم: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة)، وقال الحافظ أبو موسى الأصبهاني في كتابه: (آداب زيارة القبور)، ورد الأمر بزيارة القبور من حديث بريدة وأنس وعلي وابن عباس وابن مسعود وأبي هريرة وعائشة وأبي بن كعب وأبي ذر رضي الله تعالى عنهم إ ه‍.
فقبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم سيد القبور داخل في عموم القبور المأمور بزيارتها.
وأما الاجماع: فقد حكاه القاضي عياض في أول الباب الرابع، فزيارته صلى الله تعالى عليه وسلم مطلوبة بالعموم والخصوص لأن زيارة قبره صلى الله تعالى عليه وسلم تعظيم، وتعظيمه صلى الله تعالى عليه وسلم واجب، ثم ذكر أنه لا فرق في زيارته صلى الله تعالى عليه وسلم بين الرجال والنساء، وأما سائر القبور، فالإجماع على استحباب زيارتها الرجال وأفاض في تفصيل زيارتها للنساء.
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»