يحصل من بعد كما يحصل من قرب وهو مقصود الزيارة (قلت) قصد البقعة لما اشتملت عليه وليس بمحذور ولا نقول بنفي الفضيلة عنه، وإنما قلنا ذلك في قصد البقعة لعينها أو لتعظيم لم يشهد به الشرع.
على أنا نقول إنه لا يلزم من الزيارة أن يكون لبقعة مدخل في القصد الباعث بل تارة يكون ذلك مقصودا، وتارة يجرد قصد الشخص المزور من غير شعور بما سواه.
وقوله إن مقصود الزيارة يحصل من بعد ممنوع فإن الميت يعامل معاملة الحي، فالحضور عنده مقصود، ألا ترى أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لما خرج في ليلة عائشة إلى البقيع فقام فأطال ثم رفع يديه ثلاث مرات = الحديث المشهور = وفيه أن عائشة رضي الله عنها سألته فقال: إن جبرئيل أتاني فقال إن ربك عز وجل يأمرك أن تأتي أهل البقيع وتستغفر لهم، قالت فقلت كيف أقول لهم يا رسول الله قال قولي:
السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون (رواه مسلم).
فانظر كيف خرج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلى البقيع بأمر الله تعالى يستغفر لأهله ولم يكتف بذلك بالغيبة، وهذا أصل في الإتيان إلى القبور لزيارة أهلها للاستغفار لهم، وقد سألت عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كيف تقول تعني إذا فعلت كفعله وعلمها، وفي ذلك دليل على أنه يجوز لها وللنساء الإتيان إلى القبور لهذا الغرض لأن سؤالها ذلك كان بعد رجوعهما إلى البيت فلم يكن المقصود منه كيف أقول الآن وإنما معناه كيف أقول مرة أخرى، فلو كان لا يجوز لها ذلك لبينه لها وليس هذا المقصود هنا فإنا نذكره إن شاء الله تعالى في موضع آخر، وإنما المقصود هنا أن الحضور عند القبر لسبب زيارة من فيه والدعاء مطلوب وليس ذلك من باب قصد الأمكنة ولا دل الحديث على امتناعه ولا قال به أحد من العلماء إ ه.
(وبعد هذا) قال المحقق: وقد أحضر إلي بعض الناس صورة فتاوى أربع منسوبة لبعض علماء بغداد في هذا ا؟؟ ن لا أدري هل هي مختلقة من بعض الشياطين