وحملوا ألفاظ الصفات على معانيها الحقيقية فاثبتوا لله تعالى المحبة والرحمة والرضا والغضب وغير ذلك بمعانيها الحقيقية من غير تأويل، وأنه تعالى يتكلم بحرف وصوت فجعلوا لله تعالى محلا للحوادث وهو يستلزم الحدوث كما بين في محله من علم الكلام.
أما ابن تيمية فقال بالجهة والتجسيم والاستواء على العرش حقيقة والتكلم بحرف وصوت. وهو أول من زقا بهذا القول وصنف فيه رسائل مستقلة كالعقيدة الحموية والواسطية وغيرهما واقتفاه في ذلك تلميذاه ابن القيم الجوزية وابن عبد الهادي وأتباعهم ولذلك حكم علماء عصره بضلاله وكفره وألزموا السلطان بقتله أو حبسه فأخذ إلى مصر ونوظر فحكموا بحبسه فحبس وذهبت نفسه محبوسا بعدما أظهر التوبة ثم نكث.
ونحن ننقل ما حكوه عنه في ذلك وما قالوه في حقه لتعلم ما هي قيمة ابن تيمية عند العلماء:
قال أحمد بن حجر الهيتمي المكي الشافعي صاحب الصواعق في كتابه الجوهر المنظم في زيارة القبر المكرم في جملة كلامه الآتي في فصل الزيارة إن ابن تيمية تجاوز إلى الجناب المقدس وخرق سياج عظمته بما أظهره للعامة على المنابر من دعوى الجهة والتجسيم الخ وقال ابن حجر أيضا في الدرر الكامنة على ما حكي: أن الناس افترقت في ابن تيمية فمنهم من نسبه إلى التجسيم لما ذكره في العقيدة الحموية والواسطية وغيرهما من ذلك بقوله إن اليد والقدم والساق والوجه صفات حقيقية لله وإنه مستو على العرش بذاته فقيل له يلزم من ذلك التحيز والانقسام فقال أنا لا أسلم أن التحيز والانقسام من خواص الأجسام فألزم بأنه يقول بالتحيز في ذات الله. ومنهم من ينسبه إلى الزندقة لقوله إن النبي (ص) لا يستغاث به وإن في ذلك تنقيصا ومنعا من تعظيم رسول الله " ص " وكان أشد الناص عليه في ذلك النور البكري فإنه لما عقد له المجلس بسبب ذلك قال بعض الحاضرين: يعزر، فقال البكري: لا معنى لهذا القول فإنه إن كان تنقيصا يقتل وإن لم يكن تنقيصا لا يعزر ومنهم من ينسبه إلى النفاق لقوله في علي أنه كان مخذولا حيث ما توجه وأنه حاول الخلافة مرارا فلم ينلها وإنما قاتل للرياسة لا للديانة وأنه كان يحب الرياسة وأن عثمان كان يحب المال ولقوله: أبو بكر أسلم شيخا يدري ما يقول وعلي أسلم صبيا والصبي لا يصح إسلامه على قول، ولكلامه في قصة خطبة بنت أبي جهل وما نسبه من الثناء على قصة أبي