ويسلم عليهم كما يسلم على قبره صلى الله عليه وسلم وعلى ضجيعيه انتهى كلام ابن أبي زيد في النوادر * وما وقع في كلام ابن حبيب من قوله ولا بأس قد يوهم أنه مباح ولكن ذلك لا ينافي كونه سنة ولعل زيارة القبور عنده من قبيل عيادة المرضى ونحوها من القربات التي لم توضع بأصلها عبادة على ما سيأتي عند الكلام في نذر الزيارة وإذا أريد هذا المعنى فلا يبعد الموافقة عليه فإن زيارة الموتى كزيارة الأحياء وزيارة الأحياء لا يقول بأنها وضعت عبادة بل تفعل على قصد التقرب تارة فيثاب عليها وعلى غير قصد التقرب تارة فلا يثاب وتكون إما مباحة أو غير مباحة بحسب قصده وهكذا زيارة القبور وجهة القربة فيها على أنواع منها الاعتبار وهو مستحب لكل أحد ومنها الترحم والدعاء وهو مؤكد لمن مات قريبه في غيبته كما فعل ابن عمر حين قدم بعد موت أخيه عاصم وكان ابن عمر إذا قدم وقد مات بعض ولده قال دلوني على قبره فيدلونه عليه فينطلق فيقوم عليه ويدعو له * رواه ابن أبي شيبة وكما فعلته عائشة حين مات أخوها عبد الرحمن وكان قد مات بالحبشي والحبشي على اثني عشر ميلا من مكة هكذا في كتاب ابن أبي شيبة عن ابن جريج فحمل حتى دفن بمكة فقدمت عائشة من المدينة فأتت قبره فوقفت عليه فتمثلت بهذين البيتين وكنا كندماني جذيمة حقبة * من الدهر حتى قيل لن يتصدعا فلما تفرقنا كأني ومالكا * لطول اجتماع لم نبت ليلة معا أما والله لو شهدتك ما زرتك ولو شهدتك ما دفنتك إلا في مكانك الذي مت فيه * وروى ابن سعد في الطبقات بسنده إلى ابن أبي مليكة قال رحت من منزلي وأنا أريد منزل عائشة فتلقتني على حمار فسألت بعض من كان معها قال زارت قبر أخيها عبد الرحمن * وفي السير الكبير لمحمد بن الحسن تصنيف شمس الأئمة السرخسي الحنفي أنها جاءت من المدينة حاجة أو معتمرة فزارت قبره وقال في قولها لو شهدتك ما زرتك إنما قالت ذلك لإظهار التأسف عليه حين مات في الغربة ولإظهار عذرها
(٧٥)