تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ٧٣
عليه وسلم وغيره من الأنبياء والمرسلين للتبرك بهم مشروعة وقد صرح به * القسم الرابع لأداء حقهم فان من كان له حق على الشخص فينبغي له بره في حياته وبعد موته والزيارة من جملة البر لما فيها من الاكرام ويشبه أن تكون زيارة النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه من هذا القبيل كما روى عنه صلى الله عليه وسلم انه زار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت * رواه مسلم ويدخل في هذا المعنى الزيارة رحمة للميت ورقة له وتأنيسا فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال آنس ما يكون الميت في قبره إذا زاره من كان يحبه في دار الدنيا * وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن يعرفه في الدنيا فيسلم عليه الا عرفه ورد عليه السلام * ذكره جماعة وقال القرطبي في التذكرة ان عبد الحق صححه ورويناه في الخلعيات من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أيضا * والآثار في انتفاع الموتى بزيارة الاحياء وما يصل إليهم منهم وادراكهم لذلك لا تحصر * إذا عرف هذا فنقول زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ثبت فيها هذه المعاني الأربعة أما الأول فظاهر وأما الثاني فلانا مأمورون بالدعاء له صلى الله عليه وسلم وان كان هو غنيا بفضل الله عن دعائنا وأما الثالث والرابع فلانه لا أحد من الخلق أعظم بركة منه ولا أوجب حقا علينا منه فالمعنى الذي في زيارة قبره لا يوجد في غيره ولا يقوم غيره مقامه كما أن المسجد الحرام لا يقوم غيره مقامه ومن ههنا شرع قصده بخصوصه ويتعين بخلاف غيره من القبور وهذا لو لم يرد في زيارته دليل خاص فكيف وقد ورد في زيارته بخصوصه ما سبق من الأحاديث وغيره لم يرد فيه الا أدلة العامة فزيارة قبره صلى الله عليه وسلم مستحبة بعينها لما ثبت فيها من الأدلة الخاصة ولما فيها من المعاني العامة التي لا تجمع في غيره وأما زيارة قبر غيره فهي مستحبة بالإطلاق وقد
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»