تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ٧٢
أن يصغى اليه والله تعالى هو الحافظ لدينه ومن يهد الله فهو المهتدى ومن يضلل فلا هادي له وعلماء المسلمين مكلفون بأن يبينوا للناس ما يجب من الأدب والتعظيم والوقوف عند الحد الذي لا يجوز مجاوزته بالأدلة الشرعية وبذلك يحصل الا من من عبادة غير الله تعالى ومن أراد الله ضلاله من أفراد الجهال فلن يستطيع أحد هدايته فمن ترك شيئا من التعظيم المشروع لمنصب النبوة زاعما بذلك الأدب مع الربوبية فقد كذب على الله تعالى وضيع ما أمر به في حق رسله كما أن من أفرط وجاوز الحد إلى جانب الربوبية فقد كذب على رسل الله وضيع ما أمروا به في حق ربهم سبحانه وتعالى والعدل حفظ ما أمر الله به في الجانبين وليس في الزيارة المشروعة من التعظيم ما يفضى إلى محذور * واعلم أن زيارة القبور على أقسام * القسم الأول أن تكون لمجرد تذكر الموت والآخرة وهذا يكفي فيه رؤية القبور من غير معرفة بأصحابها ولا قصد أمر آخر من الاستغفار لهم ولا من التبرك بهم ولا من أداء حقوقهم وهو مستحب لقوله صلى الله عليه وسلم زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة وذلك لان الإنسان إذا شاهد القبر تذكر الموت وما بعده وفي ذلك عظة واعتبار وهذا المعنى ثابت في جميع القبور ودلالة القبور على ذلك متساوية كما أن المساجد غير المساجد الثلاثة متساوية لا يتعين شئ منها بالتعيين بالنسبة إلى هذا الغرض * القسم الثاني زيارتها للدعاء لأهلها كما ثبت من زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل البقيع وهذا مستحب في حق كل ميت من المسلمين * القسم الثالث للتبرك بأهلها إذا كانوا من أهل الصلاح والخير وقد قال أبو محمد الشارمساحي المالكي إن قصد الانتفاع بالميت بدعة الا في زيارة قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم وقبور المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين وهذا الذي استثناه من قبور الأنبياء والمرسلين صحيح وأما حكمه في غيرهم بالبدعة ففيه نظر ولا ضرورة بنا هنا إلى تحقيق الكلام فيه لان مقصودنا أن زيارة قبر النبي صلى الله
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»