تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ٧٩
ثم أعاد عليه فقال شأنك إذا * وعن عمر بن عبد الرحمن بن عوف عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر زاد فقال النبي صلى الله عليه وسلم والذي بعث محمدا بالحق لو صليت ههنا لأجزأ عن صلاتك في بيت المقدس * واعلم أن الصلاة في مكة تجزي عن الصلاة في بيت المقدس كما قدمناه بلا خلاف وإن قلنا بتعينه فقد يقال إن الحديث محمول على ذلك وأنه لا دلالة له فيه على المدعى من عدم لزوم الإتيان ووجه الدلالة إن الصلاة في مكة تقوم مقام الصلاة في بيت المقدس لأنهما جنس واحد والصلاة بمكة أفضل فالتضعيف الذي ألزمه في بيت المقدس يحصل له في مكة وزيادة وأما المشي فأمر زائد على الصلاة وهو عبادة أخرى فلو لزم لما قامت الصلاة بمكة مقامه فمن لزمه الصلاة ببيت المقدس من غير مشي بأن كان وقت النذر ببيت المقدس فلا شك أن الصلاة بمكة تجزيه ومن نذر المشي إلى بيت المقدس والصلاة فيه فهما عبادتان فإن قلنا بعدم لزوم إتيانه لم يبق عليه إلا الصلاة فيجزيه الصلاة بمكة وإن قلنا يجب إتيانه فيظهر أن الصلاة لا تقوم مقامه ولو مشى إلى مكة من مسافة مثل المسافة التي بينه وبين بيت المقدس أجزأ وصيغة الحديث كما رويناه لم يصرح فيه بإتيان بيت المقدس فيحتمل أن يقال إنما التزم الصلاة فلذلك قامت الصلاة في مكة مقامها ويحتمل أن يقال إن الناذر لما لم يكن في بيت المقدس فهو بنذره للصلاة ملتزم إتيانه بناء على أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وحينئذ يكون الإتيان ملتزما كما لو صرح به فلما أفتاه النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة في مكة دل على عدم لزوم الإتيان بالنذر كما استدل به الشافعي والأصحاب وقد أطلنا في هذا الفصل أكثر مما يحتمله هذا المكان وظهر لك منه أن القربات منها ما يلزم بالنذر بلا خلاف ومنها ما يلزم على الصحيح ومنها ما لا يلزم على الصحيح وظهر لك مأخذ كل قسم منها والصحيح عندنا أنه لا يشترط في المنذور أن يكون جنسه واجبا وهو مذهب مالك والوجه الثاني
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»