فقير بعينه وفي وجوب الوفاء بالزيارة مع الدعاء كما نذره نظر والأقرب وجوب الوفاء لأن الدعاء عند القبور مقصود كما في الدعاء لأهل البقيع وحينئذ يجوز شد الرحل لأداء هذا الواجب بعد لزومه بالنذر ولا يستحب شد الرحل لهذا الغرض قبل النذر فإن الدعاء لذلك الميت بعينه عند قبره لم يطلبه الشارع ولا يعلو به حق الميت وأما الزيارة لأداء الحق كزيارة قبر الوالدين فيظهر أن قصد ذلك بعينه مشروع ويجوز بل يستحب شد الرحال إليه تأدية لهذا الحق وأعظم الحقوق حق النبي صلى الله عليه وسلم على كل مسلم فيستحب شد الرحال إليه لذلك * هذا لو لم يرد فيه دليل خاص فكيف وقد قام الاجماع على فعله خلفا عن سلف فإن قلت ما قولكم فيمن نذر زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم هل ينعقد نذره ويلزمه ذلك أم لا فإن مقتضى قولكم باستحبابها أن يلزم بالنذر * قلت نعم نقول بانعقاد نذره ولزوم الزيارة به وبه صرح القاضي ابن كج من أصحابنا ولم نر لغيره من الأصحاب خلافه وقد قدمنا في الباب الرابع عن العبدي المالكي لزومه على أنه لا يلزم أن كل مستحب أو قربة يلزم بالنذر فإن القربان نوعان أحدهما قربة لم توضع لتكون عبادة وإنما هي أعمال وأخلاق مستحسنة رغب الشارع فيها لعموم فائدتها وقد يبتغي فيها وجه الله تعالى فينال الثواب كعيادة المرضى وزيارة القادمين وإفشاء السلام وما أشبه ذلك فهذا النوع في لزومه بالنذر وجهان أصحهما اللزوم لقوله صلى الله عليه وسلم من نذر أن يطيع الله فليطعه * ومن هذا النوع تشييع الجنائز وتشميت العاطس والنوع الثاني في العبادات المقصودة وهي التي وضعت للتقرب بها وعرف من الشرع الاهتمام بتكليف الخلق بإيقاعها عبادة كالصلاة والصوم والصدقة والحج فهذا النوع يلزم بالنذر بالإجماع إلا فيما يستثنى ومنهم من يعبر عن النوع الأول بما لو يوجبه الشرع ابتداء وعن الثاني بما أوجبه وأدرجوا الاعتكاف في النوع الثاني وإن كان لم يجب ابتداء وقالوا الاعتكاف لبث في مكان مخصوص ومن جنسه ما هو واجب شرعا
(٧٧)