تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ٨٣
باعا وأعلى كعبا من أن يخفى عنه ذلك فاستدلاله به يدل على أنه أراد المكان فيكون مراده أن زيارة القبر من حيث هو تلك البقعة ليس بقربة وهو يوافق ما حمل القاضي عياض عليه قوله زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم وحينئذ فإما أن يوافق مالكا رحمه الله على ذلك عملا بقوله صلى الله عليه وسلم لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد * ويحمل قوله من زار قبري على أن المراد من زارني في قبري كما هو الظاهر المتبادر إلى الفهم وإما أن يقال إن زيارة قبره أيضا قربة بقوله من زار قبري * وهذا أخص من قوله لا تشد الرحال فيخصص به إلا أن كلا منهما أعم وأخص من وجه فلا يقضي بتخصيص أحدهما للآخر * والأولى أن المراد بقوله من زار قبري من زارني في قبري ويكون قصد البقعة نفسها ليس بقربة كما اقتضاه كلام مالك رحمه الله فقد بان بهذا معنى كلام مالك رحمه الله وأنه ليس فيه ما يقتضي أن الزيارة ليست بقربة ولا أن السفر إليها ليس بقربة بل هي قربة عند جميع العلماء ولهذا لو نذر الإتيان إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلنا بأنه يلزمه وأنه يشترط ضم قربة إلى الإتيان قال الشيخ أبو علي السنجي من أصحابنا إنه يكتفي بالزيارة وقال الرافعي إنه الظاهر وتوقف فيه الإمام من جهة أن الزيارة لا تتعلق بالمسجد وتعظيمه وليس توقفه لكون الزيارة ليست قربة هذا لم يقله أحد وقد قدمنا في الباب الرابع من كلام العبدي المالكي التصريح بأن المشي إلى المدينة للزيارة أفضل من الكعبة ومن بيت المقدس * (الباب السادس في كون السفر إليها قربة) وذلك من وجوه * أحدها * الكتاب العزيز في قوله تعالى ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك الآية وقد تقدم تقريرها في الباب الخامس والمجئ صادق
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»