تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١٧٦
وغيره ففي حال تعلقها بالبدن اختلف المتكلمون هل هي المدركة فقط والحواس بمنزلة الطاقات أو الحواس تدرك ثم تنقل إليها كالحجاب يسمعون ثم ينقلون إلى الملك وعلى كل من القولين هي مدركة للمسموع ولم يقم دليل على أن اتصالها بالبدن شرط في هذا الادراك بل الظاهر أنه ليس بشرط كما أنه ليس بشرط في العلم بالمعقولات ونحن يكفينا بيان إمكان ذلك عقلا فإذا ورد به سمع اتبع ولسنا في مقام إثباته بمجرد العقل بل في مقام عدم استحالته وأنه ليس الأمر على ما توهمه السائل وما ذكره من مشروطية السمع بالحياة صحيح والحياة تتصف الروح بها وبيان ذلك يحوج إلى الكلام في حقيقة النفس وقد أكثر الناس الكلام فيها والتصانيف وتباينت فيها أقوال الناس هل هي جسم أو عرض أو مجموعهما أو جوهر فرد متحيز أو جوهر مجرد غير متحيز ولا يمكن قول سادس وإنما الكلام في تعيين واحد من الخمسة * من الناس من توقف فيه وهو أسلم وحمل على ذلك قوله تعالى قل الروح من أمر ربي وأنه لم يأمره أن يبينه لهم ومنهم من قال إنها جسم وهؤلاء تنوعوا أنواعا أمثلها قول من قال إنها أجسام لطيفة مشتبكة بالأجسام الكثيفة أجرى الله العادة بالحياة مع بقائها وهو مذهب جمهور أهل السنة وإلى ذلك يشير قول الأشعري والباقلاني وإمام الحرمين وغيرهم ويوافقهم قول كثير من قدماء الفلاسفة ومنهم من قال إنها عرض خاص ولم يعينه قاله جماعة من المتكلمين ونصره الهراسي من أصحابنا ومنهم من عينه وتنوعوا في ذلك أنواعا ومنهم من قال إنها جوهر فرد متحيز نقل ذلك سيف الدين الآمدي عن الغزالي ومعمر وغيرهما من الإسلاميين القائلين بأنها بسيطة والقائلون بهذه الأقوال الثلاثة يقولون إن قوله تعالى قل الروح من أمر ربي جواب فإن أمر الرب هو الشرع والكتاب الذي جاء به فمن دخل في الشرع وتفقه في الكتاب والسنة عرف الروح فكان معنى الكلام أدخلوا في الدين تعرفوا ما سألتم عنه على أنه قد
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»