وما عمل علي بن أبي طالب رضي الله عنه مصراعي داره إلا بالمناصع توقيا لذلك هكذا رواه الحسيني في أخبار المدينة وهذا مما يدل على أنهم كانوا يرون أنه حي وعن عروة قال وقع رجل في علي عند عمر بن الخطاب فقال له عمر بن الخطاب قبحك الله لقد آذيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره ومن نظر سير السلف الصالحين والصحابة والتابعين علم أنهم كانوا في غاية الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته كما كانوا في حياته وكانوا مع قبره الشريف كذلك وكيف لا وقد روي عن كعب الأحبار قال ما من فجر يطلع إلا نزل سبعون ألفا من الملائكة حتى يحفوا بالقبر يضربون بأجنحتهم ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط مثلهم فصنعوا مثل ذلك حتى إذا انشقت الأرض خرج في سبعين ألفا من الملائكة فلو لم يكن في الحضور عند القبر إلا الدعاء بحضرة هؤلاء الملائكة فكيف وفيه حضرة سيد الخلق أجمعين ولذلك كانت الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يغضون أصواتهم في مسجده صلى الله عليه وسلم تعظيما له ففي البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لرجلين من أهل الطائف لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو جمعنا الأحاديث الصحيحة التي فيها ما كانت الصحابة عليه من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيم آثاره وأدبهم معه لجاءت مجلدات بل الملائكة أيضا كانوا يسلكون كمال الأدب معه كما روى أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن محارب عن ابن بريدة قال وردنا المدينة فأتينا عبد الله ابن عمر فقال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل جيد الثياب طيب الريح حسن الوجه فقال السلام عليك يا رسول الله فقال وعليك فقال يا رسول الله أدنو منك قال ادنه فدنا دنوة فقلنا ما رأينا كاليوم قط رجلا أحسن ثوبا ولا أطيب ريحا ولا أحسن وجها ولا أشد توقيرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يا رسول الله
(١٧٣)