تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١٧٢
(الفصل الرابع) قد عرفت مقالات الناس في سائر الموتى وفي الشهداء وعرفت أن القول فيهم يعود الروح إلى الجسد بقائها فيه إلى يوم القيامة بعيد مخالف للحديث الصحيح أنها ترجع إلى جسده يوم القيامة وعرفت أن النعيم حاصل لأرواح السعداء من الشهداء وغيرهم والعذاب حاصل للأشقياء فلعلك تقول ما الفرق حينئذ بين الشهداء وغيرهم والجواب عن هذا من وجهين * أحدهما أن إثبات الحياة للشهداء لا ينفي ثبوتها عن غيره فالآيتان الكريمتان الواردتان في قوله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم * ليس فيهما نفي هذا الحكم عن غيرهم بل الرد على من يعتقد أنهم ليسوا كذلك ونص عليهم لأن الواقعة كانت فيهم * الثاني أن أنواع الحياة متفاوتة حياة للأشقياء معذبين أعاذنا الله تعالى منها فحياة بعض المؤمنين من المنعمين وحياة الشهداء أكمل وأعلى فهذا النوع من الحياة والرزق لا يحصل لمن ليس في رتبتهم وأما حياة الأنبياء فأعلى وأكمل وأتم من الجميع لأنها الروح والجسد على الدوام على ما كان في الدنيا على ما تقدم عن جماعة من العلماء ولو لم يثبت ذلك فلا شك في كمال حياتهم أيضا أكبر من الشهداء وغيرهم أما بالنسبة إلى الروح فلكمال اتصالها ونعيمها وشهودها للحضرة الإلهية وهي مع ذلك مقبلة على هذا العالم ومتصرفة فيه وأما بالنسبة إلى الجسد فلما ثبت فيه من الحديث وبالجملة كل أحد يعامل بعد موته كما كان يعامل في حياته ولهذا يجب الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته كما كان في حياته وقد روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال لا ينبغي رفع الصوت على نبي حيا ولا ميتا وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تسمع صوت الوتد يوتد والمسمار يضرب في بعض الدور الطنبة بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فترسل إليهم لا تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»