قيل إنهم لم يسألوا عن الروح الإنساني بل عن ملك من الملائكة والأقوال في ذلك مذكورة في التفسير وقيل ليس سؤالا عن حقيقتها بل عن حدوثها وأجابهم بما يدل على حدوثها وأنها من فعل الله تعالى وكل من قال بأنها جسم يجوز اتصافها بالحياة وأما القول بأنها عرض فبعيد ومن الناس من قال الروح جوهر مجرد لا متحيز ولا حال في متحيز وهو مذهب حذاق الفلاسفة والذي يظهر أن هذا مذهب الغزالي أيضا وهكذا هو في (المضنون به على غير أهله الكبير) و (المضنون به على غير أهله الصغير) ولكن الآمدي نقل عنه ما ذكرت والمضنون الكبير فيه أشياء من اعتقاد الفلاسفة خارجة عن اعتقاد المسلمين ولذلك أن بعض الفضلاء كان ينكر نسبته إلى الغزالي رحمه الله وهو في الإحياء في شرح عجائب القلب لم يفصح بذلك وإنما قال إنها لطيفة ربانية روحانية هي حقيقة الإنسان وهي المدرك العالم العارف من الإنسان وهي المخاطب المطالب ولهذه اللطيفة علاقة مع القلب الجسماني وقد تحير أكثر العقول في إدراك وجه علاقته وقال إن هذه اللطيفة الربانية يطلق عليها الروح والنفس والقلب والعقل وهي غير الروح الجسماني وغير النفس الشهوانية وغير القلب الصنوبري وغير العقل الذي هو العلوم فالمعاني خمسة والألفاظ أربعة كل لفظ لمعنيين هذا كلامه في الإحياء واتفق الأطباء على أن في بدن الإنسان ثلاثة أرواح روح طبيعي وهو جسم لطيف معدنه الكبد ثم ينبث في سائر البدن ويحمل القوى الطبيعية وروح حيواني وهو جسم لطيف معدنه القلب وينبث في سائر البدن ويحمل قوة الحياة وروح نفساني وهو جسم لطيف معدنه الدماغ وينبث في سائر البدن وفعله الحس والحركة وهذه الأرواح يشترك فيه الحيوانات ولم يتكلموا في النفس الناطقة الخاصة بالإنسان التي هي غرضنا هنا إذا عرف ذلك فالفلاسفة القائلون
(١٧٧)