تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١٨١
لا حساب عليه وأما أن شخصا لا يتصف بالصفة المذكورة في الحديث ويكون ممن يستحق الحساب فهل يشفع فيه حتى يدخل الجنة بغير حساب أولا لفظ الحديث لا يدل على ذلك بنفي ولا إثبات وظاهر قوله سبعون ألفا أنهم لا يزيدون على ذلك وأنهم كلهم بالصفة المذكورة وهل من الأمم السابقة من غير الأنبياء من يدخل الجنة بغير حساب لم يرد فيه شئ بنفي ولا إثبات وقال أبو طالب عقيل بن عطية رحمه الله الظاهر أن فيهم من هو كذلك * قلت وعلى كل من التقادير المفروضة فالخصوصية ثابتة لنبينا صلى الله عليه وسلم في إدخال أول زمرة من أمته الجنة بشفاعته فإن شفاعته المذكورة تكون في أول مقام الشفاعة قبل أن تجعل الشفاعة لغيره ويترتب عليها الإذن في إدخال الزمرة المذكورة وهي أول من يدخل الجنة كما سيأتي وهذا المعنى لا يشاركه أحد فيه سواء كان في الأمم المتقدمة من يدخل بغير حساب ويحتاج إلى شفاعة نبيه أولا وحينئذ تكون العبارة المحررة عن هذه الشفاعة أنها شفاعة في استفتاح الجنة وإدخال أول زمرة تدخلها وهي في الرتبة الثانية من الشفاعة العظمى التي لفصل القضاء وإلا راحة من طول الوقوف في ذلك المكان وعبارة القاضي عياض ومن تابعه تقتضي إثبات شفاعة في إسقاط الحساب وهو من الأمور الجائزة عقلا فإن ورد به سمع اتبع والقاضي عياض وغيره لما ذكروا ذلك أشاروا إلى الحديث المذكور وقد بينا ما يقتضيه وسنذكر في بعض أحاديث الشفاعة سؤال المؤمنين لآدم عليه السلام في استفتاح الجنة ونتكلم على كون السؤال مرتين أو مرة وعلى كل تقدير فالشفاعة في استفتاح الجنة متأخرة الرتبة عن الشفاعة في فصل القضاء فتصلح هذه الشفاعة ثانية وكلاهما خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم بغير شك ومن تأمل الأحاديث التي سنذكرها عرف إن أول فصل القضاء تميز الأمم والأمر بأن تتبع كل أمة ما كانت تعبد إلى أن لا يبقى إلا المؤمنون فيدخلون الجنة زمرا وجميع ذلك والله أعلم يعطاه النبي صلى الله عليه وسلم في أول مرة
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»