تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١٥٦
وقد صح عن ثابت البناني التابعي أنه قال اللهم إن كنت أعطيت أحد أن يصلي في قبره فاعطني ذلك فرؤى بعد موته يصلي في قبره وتكفي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لموسى قائما يصلي في قبره ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء لم يقبضوا حتى خيروا بين البقاء في الدنيا وبين الآخرة فاختاروا الآخرة ولا شك أنهم لو بقوا في الدنيا لازدادوا من الأعمال الصالحة ثم انتقلوا إلى الجنة فلو لم يعلموا أن انتقالهم إلى الله أكمل ما اختاروا ولو كان انتقالهم من هذه الدار يفوت عليهم زيادة فيما يقرب إلى الله لما اختاروه فهذه نبذة من الأحاديث الصحيحة الدالة على حياة الأنبياء والكتاب العزيز يدل على ذلك أيضا قال تعالى ولا تحسبن الذي قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * وإذا ثبت ذلك في الشهيد ثبت في حق النبي صلى الله عليه وسلم بوجوه (أحدها) أن هذه رتبة شريفة أعطيت للشهيد كرامة له ولا رتبة أعلى من رتبة الأنبياء ولا شك أن حال الأنبياء أعلى وأكل من حال جميع الشهداء فيستحيل أن يحصل كمال للشهداء ولا يحصل للأنبياء لا سيما هذا الكمال الذي يوجب زيادة القرب والزلفى والنعيم والإنس بالعلي الأعلى (الثاني) أن هذه الرتبة حصلت للشهداء أجرا على جهادهم وبذلهم أنفسهم لله تعالى والنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي سن لنا ذلك ودعانا إليه وهدانا له بإذن الله تعالى وتوفيقه وقد قال صلى الله عليه وسلم من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة * وقال صلى الله عليه وسلم من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من يتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من يتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا * والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة مشهورة فكل أجر حصل للشهيد حصل للنبي صلى الله عليه وسلم لسعيه مثله والحياة أجر فيحصل
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»