تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١٦١
ابن عبد الله رضي الله عنهما قال لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا جابر ما لي أراك منكسا قلت يا رسول الله استشهد أبي قتل يوم أحد وترك عيالا وعليه دين قال أفلا أبشرك بما لقي الله عز وجل به أباك قلت بلى يا رسول الله قال إن الله ما كلم أحدا قط إلا من وراء حجاب وأحيا أباك وكلمه كفاحا فقال له يا عبدي تمن علي أعطك قال يا رب تحييني فأقتل فيك مرة ثانية قال الرب عز وجل قد سبق مني أنهم لا يرجعون قال وأنزلت هذه الآية ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا رواه الترمذي وقال حسن غريب من هذا الوجه وقوله أحيا أباك يقتضي تجدد حياة والروح باقية لم تمت فإما أن يحمل على الجسد وإما على أن مفارقتها الجسد حياة لها ومنها ما سنذكره في سائر الموتى وأنهم منقسمون في القبور إلى منعم ومعذب فثبت بهذه الوجوه أن الحياة حاصله للشهيد الآن ولكن من الناس من قال إنها حياة مجازية ثم سلكوا في وجه المجاز وجوها إما لأنهم في حكم الله مستحقون للنعيم في الجنة أو لأن ثناءهم باق أو غير ذلك من وجوه المجازات وكلها ضعيفة لأنها عدول عن الحقيقة إلى المجاز بغير دليل فلم يبق إلا أنها حياة حقيقية الآن وأن الشهداء أحياء حقيقة وهو قول جمهور العلماء لكن هل ذلك للروح فقط أو للجسد معها فيه قولان (أحدهما) للروح فقط لما ذكرناه من حديث ابن عباس وابن مسعود رضي عنهم وأن الروح في أجواف طير خضر وحياة الجسد إنما تكون بعود الروح إليه (والثاني) للجسد معها وسنذكر مثل ذلك في سائر الموتى وإثبات حياتهم في قبورهم وإن عذاب القبر ونعيمه للجسد والروح جميعا وإذا كان نعيم غير الشهيد كذلك فنعيم الشهيد أتم وأولى وأكمل وذكر القرطبي أن أجساد الشهداء لا تبلى وقد صح عن جابر أن أباه وعمرو بن الجموح رضي الله عنهم وهما ممن استشهد بأحد ودفنا في قبر واحد حفر السيل قبرهما فوجدا لم يتغيرا
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»