إلى الخير وشقاوة الداعي إلى الشر (الثالث) أن النبي صلى الله عليه وسلم شهيد فإنه صلى الله عليه وسلم لما سم بخيبر وأكل من الشاة المسمومة وكان ذلك سما قاتلا من ساعته مات منه بشر بن البراء رضي الله عنه وبقي النبي صلى الله عليه وسلم وذلك معجزة في حقه صار ألم السم يتعاهده إلى أن مات به صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه ما زالت أكلة خيبر تعادني حتى كان الآن أوان قطعت أبهري * قال العلماء فجمع الله له بذلك بين النبوة والشهادة وتكون الحياة الثابتة للشهداء لا تختص بمن قتل في المعركة فإنا إنما اشترطنا ذلك في الأحكام الدنيوية كالغسل والصلاة أما الآخرة فلا وهذا لا شك فيه بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأما غيره وغير شهداء المعركة ممن شهد له الشرع بالشهادة كالمطعون والمبطون والغريق ونحوهم فهل نقول إن الحياة الثابتة للمقتولين في سبيل الله تثبت لهم هذا يحتاج إلى توقيف والشهيد فعيل إما بمعنى الفاعل أو بمعنى المفعول وقد اختلف في سبب هذه التسمية فنقل عن النضر ابن شميل أن الشهيد هو الحي لأن كل من كان حيا كان شاهدا أو مشاهدا للأحوال والشهيد حي بعد أن صار مقتولا واستدل بالآية فعلى مقتضى هذا القول كل من ورد الشرع بأنه شهيد ثبت له هذا الوصف وهو كونه حيا وقيل على كونه فاعلا أنه شهيد على الأمم الخالية يوم القيامة وأنه شاهد لطف الله ورحمته وقيل على كونه بمعنى مفعول إن ملائكة الرحمة يحضرونه ويرفعون روحه إلى منازل القدس وكل هذه المعاني موجودة في حق النبي صلى الله عليه وسلم وقيل في سبب التسمية غير ما ذكرنا * واعلم أنه لا بد من تفسير الحياة التي نثبتها للنبي صلى الله عليه وسلم والحياة التي نثبتها للشهيد وحياة سائر الموتى أيضا فأما النبي صلى الله عليه وسلم فعد صاحب التلخيص من الشافعية في خصائصه إن ماله بعد موته قائم على نفقته وملكه وقال إمام الحرمين رحمه الله إن ما خلفه بقي على
(١٥٨)