تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١٦٠
هل هي حياة حقيقية أو مجازية وعلى تقدير كونها حقيقية هل هي الآن أو يوم القيامة وعلى تقدير كونها الآن هل هي للروح أو للجسد فهذه أربعة أقوال لا خامس لها أضعفها قول من قال إن المراد أنهم يصيرون أحياء يوم القيامة وليس المراد أنهم أحياء الآن وهذا قول باطل بوجوه منها قوله تعالى ولكن لا يشعرون فهذا خطاب للمؤمنين بأنهم لا يشعرون بحياة من قتل في سبيل الله وكل المؤمنين يشعرون ويعلمون بحياتهم يوم القيامة وإنما الغريب الذي لا يشعر به حياتهم الآن * ومنها قوله تعالى ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم والمراد إخوانهم الذين في الدنيا ولم يموتوا بعد ومنها الأحاديث الصحيحة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوى إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب فقال الله تعالى أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله عز وجل ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا الآية رواه أبو داود وأخرجه الحاكم في صحيحه وفي صحيح مسلم عن مسروق قال سألنا عبد الله بن مسعود عن هذه الآية ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فقال أما إنا قد سألنا عن ذلك فقال أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوى إلى تلك القناديل فاطلع إليهم ربهم اطلاعة فقال هل تشتهون شيئا قالوا أي شئ نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث نشاء فيقول ذلك لهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لم يتركوا من أن يسألوا قالوا يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى فلما رأى أن ليست لهم حاجة تركوا وهذان الحديثان صريحان في أن ذلك حصل فيما مضى وعن جابر
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»