والدعاء له وقد سلم جوازه وأنه شرعي ويلزمه أن يسلم جواز السفر له فإن فرق في هذا القسم بين أصل الزيارة وبين السفر محتجا بالحديث المذكور فقد سبق جوابه والقسم الثاني التبرك به والدعاء عنده للزائر وهذا القسم يظهر من فحوى كلام ابن تيمية رحمه الله أنه يلحقه بالقسم الثالث ولا دليل له على ذلك بل نحن نقطع ببطلان كلامه فيه وأن المعلوم من الدين وسير السلف الصالحين التبرك ببعض الموتى من الصالحين فكيف بالأنبياء والمرسلين ومن ادعى أن قبور الأنبياء وغيرهم من أموات المسلمين سواء فقد أتى أمرا عظيما نقطع ببطلانه وخطئه فيه وفيه حط لرتبة النبي صلى الله عليه وسلم إلى درجة من سواه من المسلمين وذلك كفر متيقن فإن من حط رتبة النبي صلى الله عليه وسلم عما يجب له فقد كفر فإن قال إن هذا ليس بحط ولكنه منع من التعظيم فوق ما يجب له (قلت) هذا جهل وسوء أدب وقد تقدم في أول الباب الخامس الكلام في ذلك ونحن نقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم يستحق من التعظيم أكثر من هذا المقدار في حياته وبعد موته ولا يرتاب في ذلك من كان في قلبه شئ من الإيمان وأما القسم الثالث وهو أن يقصد بالزيارة الاشراك بالله تعالى فنعوذ بالله منها وممن يفعلها ونحن لا نعتقد في أحد من المسلمين إن شاء الله ذلك وقد قال صلى الله عليه وسلم اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ودعاؤه صلى الله عليه وسلم مستجاب وقد أيس الشيطان أن يعبد في جزيرة العرب فهذا شئ لا نعتقده إن شاء الله في أحد ممن يقصد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وإنما التمسح بالقبر وتقبيله والسجود عليه ونحو ذلك فإنما يفعله بعض الجهال ومن فعل ذلك ينكر عليه فعله ذلك ويعلم آداب الزيارة ولا ينكر عليه أصل الزيارة ولا السفر إليها بل هو مع ما صدر منه من الجهل محمود على زيارته وسفره مذموم على جهله وبدعته وأما طلب الحوائج عند قبره صلى الله عليه وسلم فسنذكره في باب الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم * ولنتكلم على الشبهة الثانية والثالثة اللتين
(١٠٨)